وقدم الأندلس واستوطن دانية حتى عرف بها . وكان أحد الأئمة في علم القرآن ورواياته وتفسيره ومعانيه وطرقه وإعرابه وجمع في معنى ذلك كله تواليف حسانا مفيدة يكثر تعدادها ويطول إيرادها . وله معرفة بالحديث وطرقه وأسماء رجاله ونقلته .
وكان حسن الخط جيد الضبط من أهل الحفظ والعلم والذكاء والفهم متفننا بالعلوم جامعا لها معتنيا بها . وكان دينا فاضلا ورعا سنيا . قال المغامي : وكان أبو عمرو مجاب الدعوة مالكي المذهب .
وذكره الحميدي فقال : محدث مكثر ومقرئ متقدم . سمع بالأندلس والمشرق وطلب علم القراءات وألف فيها تواليف معروفة ونظمها في أرجوزة مشهورة وقال : ومما يذكر من شعره : .
قد قلت إذ ذكروا حال الزمان وما ... يجري على كل من يعزى إلى الأدب .
لا شيء أبلغ من ذل يجرعه ... أهل الخساسة أهل الدين والحسب .
القائمين بما جاء الرسول به ... والمبغضين لأهل الزيغ والريب .
قال أبو عمرو : سمعت أبي C غير مرة يقول : إني ولدت سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة . وابتدأت أنا بطلب العلم بعد سنة خمس وثمانين وأنا ابن أربع عشرة سنة وتوجهت إلى المشرق لأداء فريضة الحج يوم الأحد الثاني من المحرم سنة ثمان وتسعين وحججت سنة ثمان وقرأت القرآن وكتبت الحديث وغير ذلك في هذين العامين وانصرفت إلى الأندلس سنة تسع وتسعين وهي ابتداء الفتنة الكبرى التي كانت بالأندلس ووصلت إلى قرطبة في ذي القعدة سنة تسع وتسعين والحمد لله على كل حال .
وقرأت بخط أبي الحسن المقرئ قال : توفي أبو عمرو المقرئ بدانية يوم الاثنين في النصف من شوال سنة أربع وأربعين وأربع مائة . وكان دفنه بعد صلاة العصر في اليوم الذي توفي به ومشى السلطان أمام نعشه وكان الجمع في جنازته عظيما .
عثمان بن محمد المعافري .
يعرف : بابن الحوت ومن أهل طليطلة ؛ يكنى : أبا بكر .
سمع على أبي عبد الله الفخار وابن ذونين وغيرهما . وكان من خيار المسلمين وأفاضلهم كثير التلاوة للقرآن مواظبا على شهود الصلوات في الجامع C . ذكره ابن مطاهر . قال غيره : وتوفي في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وأربع مائة . ومولده في شعبان سنة سبع وثمانين وثلاث مائة .
عثمان بن يوسف بن عبد الرحيم .
من أهل طليطلة روى عن أبي عمر الطلمنكي وأبي بكر بن زهر وابن عباس والتبريزي وغيرهم . أجاز لابن مطاهر ما رواه في جمادى الأول سنة اثنتين وستين وأربع مائة .
ومن الغرباء .
عثمان بن أبي بكر بن حمود بن أحمد الصدفي .
يكنى : أبا عمرو . ويعرف : بالسفاقسي وأصله منها . ويعرف أيضا : بابن الضابط .
قدم الأندلس وأسمع الناس بها بعد أن تجول بالمشرق وأخذ عن علمائها ومحدثيها ؛ روى عن أبي نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ وهو أجل من لقيه من شيوخه وقال : صحبته بأصبهان وكتبت عنه نحو مائة ألف حديث بخطي وقال لم ألق مثله في العلم والعمل وعن أبي عبد الله محمد بن علي الحافظ الفسوي وعن أبي الفضل مبارك بن علي الهراس وعن أبي الحسن محمد بن علي بن صخر وعن أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن والصابوني وأبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري وأبي الحسين عبد الملك بن سياوش الكازروني وأبي بكر المفيد وأبي ذر الهروي وكريمة بنت أحمد السرخسية وجماعة كثيرة يطول ذكرهم سمع منهم وكتب الحديث عنهم .
وقدم الأندلس سنة ست وثلاثين ودخل قرطبة في هذا التاريخ وأسمع الناس بها وحدث عنه مشيختها وعلماؤها وتطوف بسائر بلاد الأندلس نحو العامين وقدم أيضا قرطبة مرة ثانية سنة ثمان وثلاثين فسمع منه أيضا .
وكان حافظا للحديث وطرقه وأسماء رجاله ورواته منسوبا إلى معرفته وفهمه . وكان يملي الحديث من حفظه ويتكلم على أسانيده ومعانيه وكان عارفا باللغة والإعراب ذاكرا للغريب والآداب ممن عني بالرواية وشهر بالفهم والدراية . يجمع إلى ذلك حسن الخلق وأدب النفس وحلاوة الكلام ورقة الطبع وصفه بهذا غير واحد ممن لقيه وجالسه