وذي رونقٍ ما الدرع منه بجُنّةٍ ... ولا الزرَدُ الضافي عليه كفيل .
يسيل الفِرِند في حِفافَيْ غِراره ... كما مُهَجُ الشجعان فيه تَسيل .
عليه أَسابيُّ الدماء وإنه ... على بُعد عهدٍ بالصِّقال صقيل .
صموتٌ لشان الضرب ينطق دونه ... فيُغنيه عن تَقواله ويقول .
قال : وأنشدني لنفسه من قصيدة أخرى أيضاً يصف فيها الرمح : .
وأسمرَ هَزهازٍ كأن كُعوبَهُ ... عَواصي رضيخٍ من نوى العَسْب صلَّبِ .
قويم أخي عشرين لا الطيشُ شأنه ... ولا قِصرٌ أزرى به في المُركَّب .
كأنّ الهوى والوجْد حقاً سِنانه ... فما حَلّ إلا في فؤادٍ مُحجَّبِ .
يُطيع مجالات الطِّعان تصرُّفاً ... بكفَّيَّ في اليوم الغماس العَصَبْصَبِ .
كأني وقد أوردْتُهُ مُهجَ العِدا ... أُشير إليها بالبَنان المخضَّبِ .
أبو سعد الحسن بن العُلا البغدادي المَوصِلاني .
كاتب الديوان العزيز . عقدت بيني وبينه الأخوّة مناسبة الآداب وإنها لمن أوْكد الأسباب . فمما أنشدني لنفسه قوله : .
خليليَّ إني كلما ذرَّ شارقٌ ... يزيدُ إلى أرض العراق حنيني .
وإنْ قابَلتْني نفحةٌ بابليةٌ ... تَنمُّ بما تُخفي الضلوع شؤوني .
ولستُ بمرتاحٍ إلى قرب من غَدا ... مكاني من نَجْواه غير مَكين .
فمن مُخبرٌ أهل العراق بأنني ... أبيتُ ومكنونُ الهموم قَريني .
حَظرتَ على جَنبيَّ طيبَ مَضاجعي ... فعزّتْ على مسِّ الغرار جُفوني .
وإني مُذ شطّت بيَ الدار عنهُمُ ... أخو قَلَقٍ ما يَنْقضي وأنينِ .
أناجي بناتِ الشوق حتى يقال لي : ... به خُلطةٌ من عارضٍ وجُنون .
وما بِيَ إلاّ حُبُّ بغداد عارضٌ ... وحَسبيَ من داءٍ بذاكَ دَفينِ .
أقول وأسباب الهوى تَستفِزُّني ... وقد شَرِقَت بالدمع ذاتُ مَعين .
على ساكني الزًّوراء ما هبّتِ الصَّبا ... تحيَّةَ مَقْروح الفُؤاد حَزينِ .
طوى كَشحَهُ طيَّ السجلِّ على الأسى ... وظلَّ يُعانيه بغير مُعين .
قلت : نظم هذا الكاتب مسفّ ونثره مُحَلِّق . فليته اقتصر على إحدى الحالتين وعمل بما هو أحدقُ فيه من الآلتين . فإن لكلّ عملٍ رجالاً ولكل مقام مقالاً .
القاضي النعماني .
أنشدني له أبو الفضل يَحيى بن نصر السَّعديُّ البغدادي : .
رُبَّ خَودٍ عرفتُ في عرفات ... سلبتْني بحُسنها حَسَناتي .
حَرَّمتْ حين أحرمتْ نومَ عَيني ... واستباحت دمي لدى اللَّحظات .
وأفاضتْ مع الحَجيج ففاضتْ ... منْ جُفوني سوابقُ العَبَرات .
ورَمتْ بالجِمار جَمْرةَ قلبي ... أيُّ قلبٍ يبقى على الجَمَرات .
لم أنلْ من مِنىً مُنى النفس حتى ... خِفتُ بالخَيف أنْ تكونَ وفاتي .
عبد الله بن أبي طالب الفتى .
أنشدني ابنه الأديب سليمان له قال : وإنما قاله على لسان الأمير حسام الدولة فارس بن عَيّار . وكان ينقشُ في فصِّ خاتَمه : .
أعدَّ للبعثِ أبو طالبٍ ... حبَّ عليٍّ بن أبي طالبِ .
وله : .
بمحمدٍ وبحبِّ ألِ محمدٍ ... علقَتْ وسائلُ فارس بن محمد .
يا آل أحمد يا مصابيح الدجى ... ومنارَ مِنهاج السبيل الأقصد .
لكُمُ الحَصيمُ وزمزمٌ ولكمْ مِنىً ... وبكم إلى سُبُل الهِداية نهتدي .
وعليكُمُ نزلَ الكتابُ مفصَّلاً ... من ذي المعارج بالمُنير المُرشِدِ .
إنّي بِكُمْ مُتَوسِّلٌ وبحُبِّكُمْ ... مُتمسِّكٌ لا تنثني عنه يَدي .
إن ابن عيّارٍ بكُمْ كَبَتَ العِدا ... وعَلا بحُبِّكمُ رقابَ الحُسَّدِ .
ولئن تأخّر جِسمُهُ لضرورةٍ ... فالقلبُ منه مُخيِّمٌ بالمَشْهدِ