ومن يستفد بالذل عزاً فإنما ... فوائده أمست وتلك مصائب .
ولم يغن علم المرء إن قل عقله ... وقل غناء العلم لولا التجارب .
وله من خمرياته عفا الله تعالى عنه : .
قالوا : الرحيق وصحفوا ... فهي الحريق على الحقيقة .
أطيب بها لا سيما ... إن مازجتها منك ريقه .
يا شمس قبل الشمس أدركني بها من غير نيقه .
فعلي في طيب الصبوح ... لمن ينادمني وثيقه .
ولمقلتيك ضمانة ... ولظرف قامتك الرشيقه .
وله يهجو أيضاً ثقيلاً .
عجباً لأرض الله كيف تحملت ... ثقل المعلى وهو منها أثقل .
وكأنما خلق الفتى وتداً لها ... حتى تقر به فلا تتزلزل .
وله في الهجو أيضاً : .
أبو عبد الإله بكل حال ... لنا خل من الخل اشتقاقه .
وفي اقطار همته اتساع ... ولكن ضاق من دوني نطاقه .
وقد أنكحته ودي ولكن ... جميع مراده أبداً طلاقه .
وله : .
فارقت تلك الغانيات وربما ... دفع الرضيع إلى فراق المرضع .
ولرب حوت كان يألف مشرعاً ... فدعته نائبة لترك المشرع .
طفت البلاد وعدتي من مهجتي ... فيما أطوف ومطعمي من أضلعي .
ولبست كمت الحادثات وبلقها ... حتى كأني لابس لمرقع .
حافده الرئيس .
أبو المحاسن محمد بن كمال الدولة .
لست أدري ماذا أقول في من ورث المجد خلفاً عن سلف وزها به دست الوزارة . وهو بالعراء عن كل زهو وصلف ميسر له الخير محبب وكل امرئ يولي الجميل محبب . وكيف لا أنسب إليه المحاسن وهو أبوها وقد وجدها بلا طلب ولم يجدها قوم وقد طلبوها . واتفق أني دخلت عليه وهو بنيسابور وبين يديه من الفضلاء أئمة ألقيت إليهم للآداب أعنة وأذمة . وقد التفت عليه قصب الأقلام وهو خادر بينها كشبل الضرغام . فمنهم الأديب البارع الذي لو أخفيت في وصف فضائله الأقلام وفي طلب مثله الأقدام لقيل لي : تمنيت ما لا يكون والجنون حاشا السامعين فنون . والشيخ الأديب أبو جعفر محمد بن أحمد المختار الذي قلت فيه : .
شعرك يا بن المختار مختار ... يكاد حب القلوب يمتار .
فراستي فيك أن تسود وإن ... ذيل دون الغيوب أستار .
اتفقت لي هذه الأبيات والفأل على ما جرى وتصدقت فيه مخيلتي وبالحرى أما تراه اليوم بحمد الله كيف ساد واستحق بدولة كمال الدولة الوساد وأرغم بسعادة أيامه الحساد فلما رأيت همه إلى اصطناع الأدب وأهله مصروفاً استمليت من بواكير طبعه حروفاً فجاد لي بهذا النظم البديع في صفة الربيع وأثبته بخطه الذي من أنصفه جعله أحسن من الربيع الذي وصفه : .
لقد لبس الربيع حلى الغواني ... وماس الروض في حلل الجمال .
ولاح الورد في الأغصان غضاً ... كورد الحسن في خد الغزال .
وهب نسيمه فذكرت عهد ال ... وصل وحبذا عهد الوصال .
وكأني بهذا الهلال وقد صار قمراً منيراً مضياً وعاد عرجونه مجناً وضياً . إن شاء الله تعالى .
أبو القاسم الحسين بن عبد الله الفراء