أبا عاصم كن عاصماً لابن محنة ... أبت نكبات الدهر ألا تعافه .
صبور على عض الثقاف وما القنا ... بمعتدل ما لم تمارس ثقافه .
هو القادم الملقي بأرضك رحله ... فإن زرته بدلت بالخاء قافه .
أحبك قبل الالتقاء فإن يذق ... أخو صبوة شوقاً إلى الملتقى فهو .
وكان رحمة الله عليه ترك الجواب واستعفاني من معارضة هذه الأبيات واستناب فيها قدمه عن قلمه . وحضرت معه يوماً من الأيام مجلس الأنصاري الإمام وهو من لم تر العيون مثله في قصة القصص واستيفائه منها الأنصباء والحصص . فلما طاب فؤاده وعرق جواده وطنت نعرات العارفين في جو السماء ودنت الملائكة فتدلت للأصغاء قال الشيخ أبو عاصم : .
عيون الناس لا تلقى ... ولم تلق كعبد الله .
فأجزته بقولي : .
ولا ينكر هذا غي ... ر من مال عن المله .
ومددت يدي إلى كنانتي فرميت منها هذا الغرض بقولي : .
مجلس الأستاذ عبد الله روض العارفينا .
ألحق الفخر بنا بعد احتكام العار فينا .
وجرى بين يديه بهرات حديث ميمون الواسطي المقيم كان بها فقال فيه : .
ميمون الواسطي واسطة ... ميمونة في قلادة الفضلا .
ولم يحضرني من منظومة إلا هذا القدر فقررت له من الذكر قسطاً وإن كان ذلك من زنده الواري سقطاً .
الأديب الأزدي .
هو أبو نصر عبد الصمد بن عبد الله الأزدي الهروي .
المنتقل من هرات إلى نيسابور حافظ راوية للأشعار مرشح لمنادمة الكبار . يقول من قصيدته : .
أبا نصر انهض بالسرور وجدد ... طريقاً معفىً للوزارة واسعد .
حملت الهدى كرهاً على كل جاحد ... وسقت الغنى طوعاً إلى كل مجحد .
تهجدت عن قوم عن المجد هجد ... وجاهدت عن كسلى عن الحرب هجد .
ولما بدا لي أوحد الناس كلهم ... بل الناس لاحوا كلهم في اسم أوحد .
ظفرت من الدنيا بحال هي المنى ... وربع هو الدنيا ويوم كسرمد .
وأنشدني الشيخ أبو عامر الحمداني قال أنشدني الأديب الأزدي لنفسه يقول في الخزامى : .
وناولني غصن الخزامى يقول لي : ... لعمرك إني للفراق مصافح .
فصحفت من مقلوبه الخاء فانبرى ... يخبرني أن الحبيب يمازح .
الموفق التمار الهروي .
رأيته بأشكيذبان بوشنج يؤدب أولاد الرئيس أبي نصر منصور بن إسماعيل الشاذياخي وذاكرته ليلة بها فوجدته يرجع إلى إتقان في الأدب وذكاء في الخاطر وحذق في الصناعة وتوسع في البضاعة . ثم العشرة والتودد فقل ما شئت فيه ولا تخف إنك من الآمنين وأنا من الضامنين . وله شعر حسن أنشدني منه في أثناء المذاكرة ما هو من شرط المحاضرة حدثني أن بعض فضلاء زوزن قال فيه وفي أخيه : .
سئلت عن الأفاضل في هرات ... فقلت : القوم ضحضاح وغمره .
وذا التمار أفضل أم أخوه ... فقلت : كلاهما عندي وتمره .
قال : فأجبته عنه بقولي : .
أتى من زوزن زعموا أديب ... فقلت : رأيته ورأيت شعره .
فأما عرضه فأخس عرض ... وأما شعره فعديل شعره .
وله في الخط : .
قل للمليح معاجلاً ... بالخط قبل لداته .
ما بال بدرك كاسفاً ... وضياؤه من ذاته .
وله في الشيخ أبي منصور بن أبي غزوان : .
يا من غدا فرداً فقيد المثل في آدابه .
البدر فلق جبينه ... والنحر فلق جنابه .
جاريت مني خائباً ... آذاك نور جوابه .
أخطأت فيه وقلّ من ... هو يهتدي لصوابه .
فالعفو أخلق بالكريم فإنه من دابه .
ومن هممت بمثله ... فجحدت من أكنى به .
أبو الفضل محمد بن عبد الله .
المنذري الهروي