أحمد بن عبد الوهاب بن خلف بن محمود بن بدر العلامي علاء الدين المعروف بابن بنت الأعز أخبرني من لفظه الإمامة العلامة أثير الدين أبو حيان قال : درس المذكور بالكهارية والقطبية وتولى الحسبة بأخرة وكان له معرفة بالأدب وتقييده وكان فصيح العبارة جميل الصورة حسن الشارة فيه إحسان ومكارم ومروءة لطيف المزاج كثير التبسم شهماً جزلاً حج ودخل اليمن ترددت إليه مراراً بالقاهرة واستدعانا يوماً لمأدبة صنعها لنا بالروضة وحضر معنا القاضي فخر الدين ابن صدر الدين المارداني فرأينا شاباً حسناً يسبح فتلطخ بالتراب فقال لنا القاضي علاء الدين : لينظم كل منا في هذا الشاب شيئاً فقام كل منا إلى ناحية وانفرد فنظمنا نظماً قريب الاتفاق ولم يطّلع أحد منا على ما نظم صاحبه إلى أن أكمل كل منا ما نظمه وكان الذي نظمه القاضي علاء الدين : .
ومتربٍ لولا التراب بجسمه ... لم تبصر الأبصار منه منظرا .
وكأنه بدرٌ عليه سحابةٌ ... والترب ليلٌ من سناه أقمرا .
وكان الذي نظمه فخر الدين : .
ومتربٍ تربت يدا من حازه ... كقضيبٍ تبرٍ ضمّخوه بعنبر .
وكأن طرّته ونور جبينه ... ليلٌ أطلّ على صباحٍ أنور .
وكان الذي نظمته يعني الشيخ أثير الدين نفسه : .
ومترّبٍ قد ظن أن جماله ... سيصونه منا بتربٍ أعفر .
فغدا يضمخه فزاد ملاحةً ... إذ قد حوى ليلاً بصبح أنور .
وكأنما الجسم الصقيل وتربه ... كافورةٌ لطخت بمسكٍ أذفر .
قلت : أحسن هذه المقاطيع قول علاء الدين ابن بنت الأعز وأما مقطوع فخر الدين ففي الثاني فساد المعنى لأن الليل ما يطلّ على الصباح وإنما الليل يطل على النهار والصباح يطلّ على الليل . قال العلامة أثير الدين : وحضرنا مرة أخرى مع المذكور بالروضة فكتب لي ووجهه مع بعض غلمانه : .
حييت أثير الدين شيخ الأدبا ... أقضي حقّاً له كما قد وجبا .
حيّيت فتىً بطاق آسٍ نضرٍ ... كالقدّ بدا ملئت منه طربا .
فأنشدته : .
أهدى لنا غصناً من ناضر الآس ... أقضى القضاة حليف الجود والباس .
لما رأى سقمي أهداه مع رشأ ... حلو التثني فكان الشافي الآسي .
وأنشدني من لفظه قال أنشدنا المذكور لنفسه : .
تعطّلت فابيضّت دواتي لحزنها ... ومذ قلّ ما لي قلّ منها مدادها .
وللناس مسودّ اللباس حدادهم ... ولكنّ مبيضّ الدواة حدادها .
وأنشدني بالسند المذكور : .
في السمر معانٍ لا ترى في البيض ... تالله لقد نصحت في تعريضي .
ما الشهد إذا طعمته كاللبن ... يكفي فطناً محاسن التعريض .
وأنشدني بالسند المذكور : .
وقولوا بالعذار تسلّ عنه ... وما أنا عن غزال الحسن سال .
وإن أبدت لنا خدّاه مسكاً ... " فإنّ المسك بعض دم الغزال " .
وقال الشيخ شمس الدين : قدم دمشق وولي تدريس الظاهرية والقيمرية وكان مليح الشكل لطيف الشمائل يتحنك بطيلسانه ويركب البغلة ثم عاد إلى مصر وأقام بها مديدةً وتوفي سنة تسع وتسعين وست مائة وهو أخو الأخوين قاضي القضاة محمد صدر الدين وقاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن .
؟ ؟ النويري .
أحمد بن عبد الوهاب بن عبد الكريم شهاب الدين النويري المحتد القوصي المولد سمع على الشريف موسى بن علي بن أبي طالب وعلى يعقوب بن أحمد وأحمد الحجّار وزينب بنت منجا وقاضي القضاة ابن جماعة وغيرهم وكتب كثيراً كتب البخاري مراتٍ . وجمع تاريخاً كبيراً في ثلاثين مجلداً رأيته بخطه حصل له قربٌ من السلطان الملك الناصر محمد ووكله في بعض أموره وعمل عليه حتى رافع ابن عبادة وهو الذي قربه من السلطان فضرب بالمقارع ثم عفا عنه ابن عبادة وتقلب في الخدم وباشر نظر الجيش بطرابلس ونظر الديوان بالدقهلية والمرتاحية . قال كمال الدين جعفر الأدفوي : كان ذكي الفطرة حسن الشكل فيه مكرمة وأريحية وودّ لأصحابه صام شهر رمضان وهو كل يوم بعد العصر يستفتح قراءة القرآن إلى قريب المغرب ثم حصل له وجع في أطراف أصابع يديه كان سبب موته في شهر رمضان الحادي والعشرين سنة ثلاث وثلاثين وسبع مائة وله نظم ونثر .
؟ الحافظ الشيرازي