بالوفا ... سل عن فتى عذّبته بالجفا .
هل خلا فؤاده من خطرات الولا ... أو سلا أو خان ذاك الموثق الأوّلا .
وقال العزاري أيضاً يعارض أحمد بن حسن الموصلي : .
ما سلت الأعين الفواتر ... من غمد أجفانها الصفاح .
إلا أسالت دم الحناجر ... من غير حربٍ ولا كفاح .
تالله ما حرّك السواكن ... غير الظباء الجآذر .
لما استجاشت بكل طاعن ... من القدود النواظر .
وفوقت أسهم الكنائن ... من كل جفنٍ وناظر .
عربٌ إذا صحن يا لعامر ... بين سرايا من الملاح .
طلت علينا من المحاجر ... طلائعٌ تحمل السلاح .
أحبب بما تطلع الجيوب ... منها وما تبرز الكلل .
من أقمرٍ ما لها مغيب ... وأغصنٍ زانها الميل .
هيهات أن تعدل القلوب ... عنها ولو جارت المقل .
لما توشحن بالغدائر ... سفرن عن أوجهٍ صباح .
فانهزم الليل وهو عاثر ... بذيله واختفى الصباح .
وأهيفٍ ناعم الشمائل ... تهزّه نسمة الشمال .
فينثني كالقضيب مائل ... كما انثنى شاربٌ ومال .
له عذارٌ كالندّ سائل ... لله كم من دمٍ أسال .
شقّت على نبته المرائر ... من داخل الأنفس الصحاح .
تكلّ في وصفه الخواطر ... وتخرس الألسن الفصاح .
ظبيٌ إلى الأنس لا يميل ... الشمس والبدر من حلاه .
والحسن قالوا ولم يقولوا ... مبداه منه ومنتهاه .
وطرفه الناعس الكحيل ... هيهات من سيفه النجاه .
أذلَ بالسرح كلّ ساحر ... فهو له خافض الجناح .
يجول في باطن الضمائر ... كما يجول القضا المتاح .
أما ترى الصبح قد تطلّع ... مذ غمّضت أعين الغسق .
والبدر نحو الغروب أسرع ... كهاربٍ ناله فرق .
والبرق بين السحاب يلمع ... كصارمٍ حين يمتشق .
وتحسب الأنجم الزواهر ... أسنّةً ألقت الرماح .
فانهزم النهر وهو سائر ... فدرّعته يد الرياح .
وأما موشحة الموصلي فهي : .
رنا بأجفانه الفواتر ... وقد تثنى زين الملاح .
فسلّ من طرفه بواتر ... وهزّ من عطفه رماح .
ناظره جرّد المهنّد ... وغمده مني الحشا .
وعامل القدّ فهو أملد ... يطعن للقلب إذ مشى .
والعارض القائم المزرّد ... لفتنة الناس قد نشا .
والحاجب القوس بالفواتر ... لنبله في الحشا جراح .
ومشرف الصدغ فهو جائر ... سلطانه للدما أباح .
فجفنه الفاتك الكناني ... من ثغلٍ راش لي نبال .
وهو الخفاجيّ قد غزاني ... ووجهه من بني هلال .
عبسيّ لحظٍ له سباني ... جسمٌ زبيديّ بالدلال .
والردف يدعى من آل عامر ... وواضح الصلت من صباح .
وخصره من هتيم ضامر ... يدور من حوله وشاح .
فوجهه جنةٌ وكوثر ... رضابه العذب لي حلا .
والنار في وجنتيه تسعر ... والخال حباً لها اصطلى .
عجبت من خاله المعنبر ... إذ يعبد النار كيف لا .
يحرق بالنار وهو كافر ... وما سقي ريقه القراح .
كامل حسنٍ معناه وافر ... بسيط وصف كالمسك فاح .
ما اخضرّ نبت العذار إلا ... بآسه سيّج الشقيق .
وهو كنملٍ سعو وولّى ... ولم يجد للجنى طريق .
من ريقه البدر إذ تجلّى ... في هالة العارض الأنيق .
لما تبدى بالوجه دار ... وحيّر العقل حين لاح .
شقَّ على خده المرائر ... وقطّع الأنفس الصحاح