حتّام إن أمر الغرام وإن نهى ... طاوعته وعصيت في الحبّ النّهى .
أرضيت جفوني للدموع مؤهلاً ... أبداً وقلبي بالولوع مولَّها .
قد كنت معتمداً على صبري إذا ... ما الخطب فاجأني وها صبري وهى .
ومدلّلٍ ما زلت من هجرانه ... أبداً على مرّ الزمان مدلّها .
متأوّد الأعطاف قلب محبّه ... ما زال من إعراضه متأوّها .
تجني على عشاقه وجناته ... بالصدّ فهي المشتكى والمشتهى .
فبه إذا عدّ الملاح المبتدا ... وإلى غرامي في هواه المنتهى .
يا مطلعين لنا بدوراً أوجهها ... فلك الجيوب فكيف تسمى أوجها .
وملاحظين بأعينٍ من أمّها ... لم يدر غزلاناً يغازل أم مها .
فحذار من تلك العيون خديعةً ... فبمكرها سلبت فؤادي مكرها .
ومنه يذكر المشمش : .
هبّ ونجم الصباح لم يغب ... لرشف حمراء لا ابنة العنب .
نارية اللون في الجنان بدت ... يا عجباً للجنان في اللهب .
تلوح كالتبر في الزبرجد من ... فوق عروق المرجان في القضب .
فهي سماء من الزمرد في ... آفاقها أنجمٌ من الذهب .
فما ترقى للسمع شيطانها ال ... كافر إلا رمته بالشهب .
إذا الثريا تكاملت كملت ... وأبرزت وجه غير منتقب .
وكم ثريا في الغصن طالعةً ... منها جميع النهار لم تغب .
زمانها كالأعياد مرتقبٌ ... أيامها للسرور والطرب .
حجّ لميقاتها البرية من ... مصر إلى جلقٍ ومن حلب .
كالنار بل كالنارنج منظرها ... وطعمها في حلاوة الضرب .
حلت وحلت لمن تناولها ... والراح لولا التحريم لم تطب .
يرشف ريق الندى مقبلها ... فيجتنيها معسولة الشنب .
تذوب فيه من لطافتها ... من غير مضغٍ يفضي إلى تعب .
ومنه أيضاً : .
دعه مثلي يبكي الصبا وزمانه ... إنّ ذكراه هيجت أحزانه .
ناح شجواً على ليالٍ وأيا ... مٍ تقضّت لم يقض منها لبانه .
كيف ترجو في الأربعين وفاءً ... من شبابٍ قبل الثلاثين خانه .
أو ينال اللذات في أخريات ال ... عمر من لم يفز بها ريعانه .
منها : .
وتجاف الجفون واحذر على قل ... بك تلك اللواحظ الفتانه .
رامياتٍ فكلّ شعرة هدبٍ ... ثم سهمٌ وكل جفنٍ كنانه .
وبروحي هيفاء أعطافها نش ... وى تهادى كأنها خوط بانه .
فهي بدرٌ من تحته غصن بانٍ ... وكثيبٌ من فوقه خيزرانه .
تلبس الحسن فوق قمصانها ثو ... باً وتكساه حلّةً عريانه .
ينبت الورد والشقيق بخدّي ... ها لنا من قوامها ريحانه .
وترينا باللحظ نرجسة الأح ... داق والثغر باسماً أقحوانه .
فبلثمي والضمّ من خدّها والن ... هد أجني التفاح والرمانه .
ومنه أيضاً : .
قد حجبوا البيض ببيض الصفاح ... ومنعوا السمر بسمر الرماح .
وأطبقوا أصداف أسجافهم ... فما ترى شمس الصباح الصباح .
منها : .
يثبت تأليف الهوى حسنها ... وقدّها للصبر إن ماح ماح .
وطرفها مسكرٌة خمرهُ ... إذا أديرت وهو يا صاحِ صاحْ .
أمدّ قلبي نحو كاساتها ... رشفاً إذا مدّت إلى الراح راحْ .
واضحها موضح عذري فما ... يلومني فيها إذا لاح لاحْ .
قلت : هذا النوع بديع يوهم أنه توكيد في الظاهر وهو في الباطن غير توكيد ومثل هذا ما أنشدنيه لنفسه إجازة القاضي زين الدين عمر ابن الوردي وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى : .
تعشقت أحوى لي إليه وسائلٌ ... وإصلاح أحوالي لديه لديه .
أمرّ به مستعطفاً متلطفاً ... فيثقل تسليمي عليه عليه