أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد بن برمك هو أبو الحسن جحظة البرمكي النديم لقيه ابن المعتز فقال له : ما حيوان إذا قلب صار آلة للبحرية ؟ فقال : علق إذا عكس صار قلعاً فقال : أحسنت يا جحظة فلزمه هذا اللقب وكان في عينيه نتو جداً وكان قبيح المنظر وكان المعتمد يلقبه خنياكر وكان حسن الأدب كثير الرواية للأخبار متصرفاً في فنون من النحو واللغة والنجوم مليح الشعر مقبول الألفاظ حاضر النادرة وكان طنبورياً فائقاً له من التصانيف : كتاب الطبيخ . كتاب ما جمعه مما جربه المنجمون فصح من الأحكام . كتاب الطنبوريتين . فضائل السكباج . كتاب ما شهده من المعتمد . ديوان شعره كتاب الترنم . كتاب المشاهدات . وكان جحظة وسخاً قذراً دني النفس قليل الدين قيل عنه كان لا يصوم شهر رمضان قال أبو القاسم الحسين ابن علي البغداذي : كان جحظة عند أبي يوماً في شهر رمضان فاحتبسه فلما كان نصف النهار سرق من الدار رغيفاً ودخل المستراح وجلس على المقعدة يأكل واتفق أن دخل أبي فرآه فاستعظم ذلك وقال : ما هذا ؟ قال أفت لبنات وردان ما يأكلون فقد رحمتهم من الجوع . وقال أبو الحسن أحمد بن يوسف التنوخي : حدثني أبو علي ابن الأعرابي الشاعر قال : كنت في دعوة جحظة فأكلت وجلسنا نشرب وهو يني إذ دخل رجل فقدم إليه جحظة زلة كان زلها من طعامه ونحن نأكل وكان بخيلاً على الطعام وكأن الرجل كان طاوياً فأتى على الزلة ورفع الطيفورية فارغة وجحظة يزرقه ونحن نلمح جحظة ونضحك فلما فرغ قال له جحظة : تلعب معي بالنرد قال : نعم فوضعاه بينهما ولعبا فتوالى الغلب على جحظة فأخرج جحظة رأسه من قبة الخيش ورفعه إلى السماء وقال كأنه يخاطب الله تعالى : وإني ستحق هذا لأني أشبعت من أجعته . وحدث جحظة في أماليه قال : كنت أشرب عند بعض إخواني في ناعورة ثابت الرصاصي في يوم مطر ومعنا شيخ خضيب حشن البزة متصدر فتجارينا ذكر المطر وما جاء فيه من الخبر فقال ذلك الشيخ : حدثونا يا سيدي عن النبي صلى الله عليه وعلى أصحابه با بكر وبا حفص وعلى النبيين السريين منكر ونكير وعلى عمر ابن العاص قاتل الكفار يوم غدير خم وصاح براية النبي يوم القطائف - يريد يوم الطائف - أن النبي A قال : ما من قطرة تنزل من السماء إلا ومحا ملك يتبحا حتى يضحا في موضحاً ثم يصعد ويدحا فقلت : يا شيخ فالقطر يقع من الكنيف فالملك ينزل معه9 ، قال : نعم يا سيدي فيهم ما في الناس من الدناءة والخسة قلت : يريد ما من قطرة تنزل من السماء إلا ومعها ملك يتبعها حتى يضعها في موضعها ثم يصعد ويدعها فأبدل العين حاء مهملة . ومن شعره : .
لي صديق مغرى بقربي وشدوي ... وله عند ذلك وجه صفيق .
قوله إن شدوت : أحسنت زدني ... وبأحسنت لا يباع الدقيق .
وقال جحظة : .
ومن كلفي إياه أمطر ناظري ... إذا هو أبدي من ثناياه لي برقا .
كأن دموعي تبصر الوصل هارباً ... فمن أجل ذا تجري لتدركه سبقا .
وقال : .
إذا ما ظمئت إلى ريقه ... جعلت المدامة منه بديلا .
وأين المدامة من ريقه ... ولكن أعلل قلبي قليلا .
وقال : .
أقول لها والصبح قد لاح ضوءه ... كما لاح ضوء البارق المتألق .
شبيهك قد وافى وآن افتراقنا ... فهل لك في صوت وكأس مروق .
فقلت شفائي في الذي قد ذكرته ... وإن كنت قد نغصته بالتفرق .
وقال : .
أي شيء رأيت أعجب من ذا ... إن تفكرت ساعة في الزمان .
كل شيء من السرور بوزن ... والبلايا تكال بالقفزان .
وقال : .
وليل في كواكبه حران ... فليس لطول مدته انقضاء .
عدمت مطالع الإصباح فيه ... كأن الصبح جود أو وفاء .
وقال : .
رحلتم فكم من أنة بعد أنةٍ ... مبينةٍ للناس شوقي إليكم .
وقد كنت أعتقت الجفون من البكا ... وقد ردها في الرق حزني عليكم .
وكتب إلى أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الله المسمعي وكان قائداً جليلاً يتقلد البصرة وفارس : .
إليك أبا إسحاق عني رسالةً ... تزين الفتى إن كان يعشق زينه .
لقد كنت غضباناً على الدهر زارياً ... عليه فقد أصحلت بيني وبينه