كما يحمل المحبوب من حبه الأذى ... لما يجتنيه من جنى الورد في الخد .
وأورد له أيضاً قوله : .
ذهب الشتا وتصرم البرد ... وأتى الربيع وجاءنا الورد .
فاشرب على وجه الحبيب مدامة ... صهباء ليس لمثلها رد .
وأورد له أيضاً قوله : .
جاء الربيع وحسن ورده ... ومضى الشتاء وقبح برده .
فاشرب على وجه الحبي ... ب ووجنتيه وحسن خده .
قال ابن النجار : أنشدني شهاب الدين الحاتمي قال : أنشدنا أبو سعد السمعاني قال : أنشدنا أبو المظفر شبيب بن الحسين القاضي قال : أنشدني الشيخ أبو إسحاق يعني الشيرازي لنفسه وذكر البيتين جاء الربيع ثم قال : قال ابن السمعاني : قال شبيب : ثم بعدما أنشدني هذين البيتين أنشدا عند القاضي عين الدولة حاكم صور بلدة على ساحل بحر الروم فقال : أحضر ذلك الشأن - يعني الشراب - فقد أفتانا به الإمام أبو إسحاق فبكى الإمام ودعا على نفسه وقال : يا ليتني لم أقل هذين البيتين قط ثم قال : كيف لي بردهما من أفواه الناس ؟ فقلت : يا سيدي هيهات قد سارت به الركبان . وقال ابن النجار : وسمعت ابن السمعاني يقول : سمعت بعضهم يقول : دخل الشيخ أبو إسحاق بعض المساجد ليأكل الطعام على عادته فنسي ديناراً كان في يده وخرج وذكر في الطريق فرجع فوجد الدينار في المسجد ثم فكر في نفسه وقال : ربما هذا الدينار وقع من غيري وما أعرف أن هذا لي أم لغيري فتركته في المسجد وخرج وما مسه . وسمعت ابن السمعاني يقول : سمعت أبا بكر محمد بن علي بن عمر الخطيب يقول : كان يمشي بعض أصحاب أبي إسحاق الشيرازي معه في طريق فعرض لهما كلب فقال ذلك الفقيه للكلب : اخسأ ! .
فهناه الشيخ أبو إسحاق عن ذلك وقال : لم طردته عن الطريق ؟ أما عرفت أن الطريق بيني وبينه مشترك ؟ وأطال ابن النجار ترجمة الشيخ أبي إسحاق . قلت : وكان الشيخ أبو إسحاق من الفصحاء البلغاء ألا ترى عبارته في التنبيه ما أفصحها وأعذبها زعم بعضهم أن بعض ألفاظه تقع منظوماً كقوله في كتاب التفليس : .
إذا اجتمعت على رجل ديون ... فإن كانت معجلة .
زاد بعضهم تهون أو قضاها وفي الأصل لم يطالب بها وقوله في المهذب أيضاً : .
لأنه لا بد من مخرج ... يخرج منه البول والغائط .
وقوله في التنبيه في باب الحوالة : .
برئت ذمة المحيل وصار ال ... حق في ذمة المحال عليه .
ومن شعر الشيخ أبي إسحاق الشيرازي : .
سألت الناس عن خل وفي ... فقالوا ما إلي هذا سبيل .
تمسك إن ظفرت بود حر ... فإن الحر في الدنيا قليل .
تقي الدين الواسطي .
إبراهيم بن علي بن أحمد بن فضل الإمام القدوة تقي الدين أبو إسحاق الواسطي الصالحي الحنبلي مسند الشام ولد سنة اثنتين وست مائة وتوفي C تعالى سنة اثنتين وتسعين وست مائة وكان على كرسيه يقرأ الختمة في ركعة سمع من ابن الحرستاني وابن ملاعب وابن الجلاجلي وموسى بن عبد القادر وابن راجح والشيخ الموفق وابن نعمة وابن البنا وطائفة بدمشق وأبي محمد ابن الأستاذ بحلب والفتح بن عبد السلام وعلي ابن زيد وأبي منصور محمد بن عفيجة وأبي هريرة الوسطاني وأبي المحاسن ابن البيع وأبي علي ابن الجواليقي والمهذب ابن قنيدة ومحاسن بن الخزائني وأبي منصور أحمد بن البراح وأبي حفص السهروردي وعمر بن كرم ومحمد بن أبي الفتح ابن عصية وياسمين بنت ابن البيطار وشرف النساء بنت الآبنوسي وطائفة وأجاز له زاهر الثقفي وأبو الفخر أسعد بن روح وجماعة من أصبهان وابن سكينة وابن طبرزد وابن الأخضر وطائفة من بغداذ وعبد الرحمن بن المعزم من همذان وانتهت إليه الرحلة في علو الإسناد وحدث بالكثير وكان فقيهاً عارفاً بالمذهب ودرس بمدرسة الصاحبة بالجبل وولي مشيخة الحديث في الظاهرية وكان صالحاً عابداً أماراً بالمعروف مهيباً كثيراً لتلاوة القرآن خشن العيش سمع منه البرزالي علم الدين وابن سيد الناس فتح الدين وقطب الدين الحلبي والمزي وابنه والشهاب ابن النابلسي وابن المهندس وابن تيمية وإخوته وبدر الدين ابن غانم وللشيخ شمس الدين منه إجازة وكان الفاورثي يجلس بين يديه ويقرأ عليه الحديث .
الطوخي