يمثله وهمي إذا زرت قبره ... كما اعتدت منه قائماً يتلقاني .
وأحسبه من بره لو نسيته ... لطول المدى في قبره ليس ينساني .
أقول وقد أنسيت أنسي لفقده ... قفانبك من ذكرى حبيب وعرفان .
ونوحا على ربع الصبي من شبيبتي ... ورسم عفت آياته منذ أزمان .
وكفا عناء الدمع مني فقد حوى ... أفانين جري غير كز ولا وان .
ولا تحفلا بالسحب من بعده فقد ... تعاون فيك كل أوطف حنان .
أيا نار إبراهيم أحرقت مهجتي ... فهل ينطفي جمري بدمع كطوفان .
ويا ساجعات الورق هجت صبابتي ... وقد نحت من شجو على عذب البان .
وقالوا : تجلد كي يهابك حزنه ... ولو كان يخشاني لما كان يغشاني .
بكيت شقيقاً بات في التراب ذاوياً ... فهلا أراه يانعاً وهو ينعاني .
توهم تقصيري عن البر والتقى ... فراح أمامي كي يثقل ميزاني .
وهو خطبي كونه راح سالماً ... وما ناله لو مت حرقة أشجاني .
أقسامه في الموت إذ لست باقياً ... ويفضل لي بالحزن كأس ردى ثان .
فيا لأخ قد كان خلفي وكلنا ... إلى غاية نجري ففات وخلاني .
وكان ورائي ثم أصبح سابقي ... وأحسبه في السابقين بإحسان .
كأني به إذ بات في قعر لحده ... وحيداً ولم يأنس بأهل وجيران .
تداركه لطف الإله بنسمة ... تهب على أزهار عفو وغفران .
وقد نور التوحيد ظلمة قبره ... وحياه رضوان بروح وريحان .
وقلت أيضاً : .
ألا يا شقيقاً قد شققت له الثرى ... وجرع كأس الموت لا عشت من قبلي .
أخاف لظى من قتل نفسي حسرة ... عليك فتشقي في نعيمك من أجلي .
وقلت أيضاً : .
رأيت أخي على فرش المنايا ... عفوا غوثا من الخطب العنيف .
كلانا كن في نزع شديد ... ولكن مات بالسبب الضعيف .
وقلت أيضاً مضمناً : .
أخي وقد وافيت مستأخراً ... بعدي إلى دار الفنا والفساد .
وفتني سبقاً لدار البقا ... فالسابق السابق منا الجواد .
وقلت أيضاً : .
هل تصدح الورق ولي أنة ... قد ملأت جو اللوى بالجوى .
وهل يزور الورد صوب الحيا ... ولي شقيق في الثرى قد جوى .
وقلت : .
أخي فدتك النفس لما رأت ... مصرعك المحتوم لكن أبيت .
وأنت بعدي لم تقدمتني ... ما يقنضي الإنصاف ما قد أتيت .
وقلت : .
لو جئت قبلي هان ما حل بي ... لما ترديت الردى واشتملت .
ما من درى النحو وأحكامه ... ما يقتضي الترتيب ما قد فعلت .
وقلت : .
قضى نحباً أعز الناس عندي ... وما أحد على الأيام باق .
فيا عجبا تقدمني لربي ... أخي وأنا أراه في السياق .
وقلت : .
برغمي أن أودعت شخصك في الثرى ... ولم أتخذ في وسط قلبي له قبرا .
وأقسم ما وفيت حقك في الأسى ... ولو كنت براً عاينوا أدمعي بحرا .
وقلت : .
لست أرضى بلوعتي وبكائي ... وضلوعي حرى وعيني عبري .
ما بهذا تقضى حقوق مصابي ... لو دخلت الضريح أصبحت برا .
وقلت : .
لما فقدت أخي تضاعف للأسى ... حزني فنومي لا يزال طريدا .
حزني لمصرعه وحزن رزيتي ... فيه وحزني إذ بقيت وحيدا .
وقلت : .
سأشرح قصتي للناس حتى ... يؤديني السؤال إلى خبير .
أيمضي الجور حتى في المنايا ... بتقديم الصغير على الكبير .
وقلت : .
ألا يا دهر قد راءيتنا في ... أخي فتركتنا نصلي سعيرا .
أتيت لنا به نجماً صغيراً ... وعدت أخذته قمراً كبيرا .
وقلت : .
بات أخي بالرغم من لحده ... وما شققت الجيب من ويلي .
تبعت فيه سنة المصطفى ... لكن شققت الدمع للذيل .
وقلت : .
ولما أن رأت بالرغم عيني ... شقيقي في قرار اللحد ملقى