لو أن تلك من الأيام عدن بها ... أو الليالي ولم تحتج لتذكار .
لله ليلانها البيض القصار فكم ... سطوت منها على دهري ببتار .
أنكرت إفشاء سرٍ كنت أكتمه ... فيها ولكنني أنكرت إنكاري .
يا للعجائب ليلٌ ما هجعت به ... لنوره كيف تخفى فيه أسراري .
إن الضنى عن جميع الناس ميزني ... فكان على إخفائي وإظهاري .
فلا تقولوا إذا استبطأتم خبري ... أما النسيم عليه سائرٌ سار .
فلو يمر نسيم بي لسار إلى ... مغناكم بي كما يسري بإخباري .
ومنه موشح كتبه إلى كمال الدين جعفر الأدفوي : بي مربعٌ قد خلا من أهله في السبسب عمران فإن يكن أمحلا فمدمعي كالسحب هتان سروا فؤاد الشميم وكل وادٍ عاطر ولي فؤاد يهيم بالعشق وهو شاعر حكوا ظباء الصريم لو صيد منهم نافر حذرت أن لا يريم فرام ما أحاذر فإن سري في بهيم ليلٍ فبدرٌ سافر وإن يسر عجلا فالظبي عند الهرب عجلان أو حلّ وسط الفلا فقومه من عرب غزلان يقول خل انطلاق الدمع قصد السمعة فما لأهل النفاق ووجنة كالجنة فقلت دمعٌ يراق هل رده في الحيلة كلفت ما لا يطاق في شرعة المحبة ولا وعدت العناق وقهوة الريق التي من حاسديها الطلا وحسن نظم الحبب خجلان لا لغو فيها ولا يحرسها من شنب رضوان ليست كراحٍ يطاف بها حراماً لإحلال تدق عند اختطاف عقول قوم كالجبال كم أمنت من يخاف إما بحق أو محال وهونت من تلاف عرضٍ ودينٍ بعد مال فدع كؤوس السلاف واستجل أوصاف الكمال فإنما يجتلى على الكرام النجب إحسان من عنده بالغلا يستعبد الحر الأبي أثمان أثنت عليه العدا وعددت مآثره مركز بذل الجدا ومن سواه الدائره بلا حروف الندا لبت لهاة الغامره اسلف كلاً يداً حتى السحاب الهامره وقد ملا بالندى كل بقاع القاهره حتى رأينا الملا لفضله والأدب قد دانوا إذ هم رعايا العلا وجعفر بن تغلب سلطان منه يفاد الكلام فما يقول الناظم في العلم حبرٌ أمام وفي السخاء حاتم فيا أبا الفضل دام لي ببقاك العالم فأنت عين الأنام يقظى وكلٌ نائم بك الجدود الكرام تسر حتى آدم أنت لمن قد تلا على صميم النسب عنوان يا آخراً أولاً كأنك في الكتب قرآن وغادةٌ تنجلي فينجلي القلب الحزين بها يحلى الحليّ ويسحر السحر المبين قلت لها والخلي لم يدر ما الداء الدفين بالله من ينطلي عليك أو تألفين ابن عليٍ بعلي قالت نعم يا مسلمين لولا علي انطلا تركت أمي وأبي من شانو كفاية الله البلى يبيت سواي وذا الصبي في أحضانو ومن موشحاه أيضاً : افتك بنا في السقم والهم كل فتك بخمرةٍ كالعندم أو مرشف ابن تركي فلونها لون الدم والريح ريح المسك كم صبرت ذا ألم من كدرٍ وضنك والعيش منه يصفو والطيش يستخف وللسرور زحف منه الهموم تهرب ولو أتت في ألف منه في الخرجة : يا مرحباً بالغائب إذ جاء في العذار يزري بكل كاعب تزور في الإزار فلم أكن بخائب عليه في انتظار ولم أقل كالعاتب أبطأت في مزاري إلا التفت لخلفو وقال يشير بكفو وحاجبو لردفو هذا الثقيل حقاً اعتبوا على انقطاعو خلفي ناظر الجيش محمد بن فضل الله القاضي الكبير الرئيس فخر الدين ناظر الجيوش بالديار المصرية . كان متألهاً عمره لما كان نصرانياً ولما أسلم .
حكي لي الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس عن خاله القاضي شرف الدين ابن زنبور قال : هذا ابن أختي متعبد لأننا لما كنا نجتمع على الشراب في ذلك الدين يتركنا وينصرف ونفتقده إذا طالت غيبته فنجده واقفاً يصلي ولما ألزموه بالإسلام امتنع وهم بقتل نفسه بالسيف وتغيب أياماً ثم أسلم وحسن إسلامه إلى الغاية ولم يقرب نصرانياً ولا آواه ولا اجتمع به وحج غير مرة وزار القدس غير مرة .
وقيل أنه في آخر أمره كان يتصدق كل شهر بثلاثة آلاف درهم وبنى مساجد كثيرة في الديار المصرية وعمر أحواضاً كثيرة في الطرقات وبنى بنابلس مدرسة وبنى بالرملة بيمارستاناً وكثر من أعمال البر .
وأخبرني القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله أنه كان حنفي المذهب انتهى . وزار القدس غير مرة وفي بعض المرات أحرم من القدس وتوجه إلى الحجاز