بالألف والواو الساكنة والزاي المفتوحة واللام المفتوحة والغين المعجمة أبو نصر التركي الفارابي الحكيم فيلسوف الإسلام هكذا رأي الشيخ الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي قد أثبته أعني محمد بن محمد ومن خطه ثقلت ورأيت ابن خلكان قد قال محمد بن طرخان قدم بغداد وأدرك بها متى ابن يونس الفيلسوف فأخذ عنه وسار إلى حران فلزم يوحنا ابن حبلان النصراني وأخذ عنه وأتقن ببغداد اللغة وقيل أنه ما أخذ الفلسفة إلا من اللغة اليونانية لنه كان بها وبغيرها من اللغات عارفاً وكان قد برع في الحكمة ومهر في الموسيقى ويقال أنه أول من وضع الآلة المعروفة بالقانون وركبها هذا التركيب وذكر القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان حكايته التي جرت له مع سيف الدولة ابن حمدان وأنه دخل عليه بزي الأتراك وكان لا يفقاره فقال له اقعد فقال حيث أنا أو حيث أنت فقال حيث أنت فتخطى الناس حتى انتهى إلى مسند سيف الدولة وزحمه فيه حتى أخرجه عنه وكان على رأس سيف الدولة مماليك له معهم لسان خاص يسارهم به قال لهم بذلك اللسان هذا الشيخ أساء الأدب فأخرقوا به فقال له أبو نصر بذلك اللسان أن الأمور بعواقبها فعجب سيف الدولة وقال أتحسن هذا اللسان فقال أحسن أكثر من سبعين لساناً وأنه ناظر من كان في المجلس من أئمة كل فن فلم يزل كلامه يعلو وهم يستفلون إلى أن صمت الجميع فعرض عليه سيف الدولة بعد انصراف الفضلاء الأكل والشرب فامتنع فقال له ولا تسمع قال نعم فأحضر القيان فلم يحرك أحد آلته إلا وعابه أبو نصر ثم أخرج من وسطه خرية وأخرج منها عيداناً ركبها ولعب بها فأضحك كل من في المجلس ثم فكها وركبها غير التركيب الأول وحركها فأبكى كل من في المجلس ثم فكها وركبه لا غير ذلك التركيب ولعب بها وحركها فأنامهم حتى البواب وخرج قلت وهذه الواقعة ممكنة من مقل أبي نصر لنه إذا غنى السامعين مثلاً بما لابن حجاج من ذلك المجون الحلو في نغم فإن السامع يضحك وإذا غنى بإشعار متيمي العرب والرقيق من فراقياتهم وحزنياتهم في نغم النوى وما أشبه ذلك فإن السامع يبكي وكذا حاله إذا أراد أن يشجع أو أن يسمح أو غير ذلك وكان كثير الإنفراد بنفسه ولما قدم دمشق كان يلازم غياض السفرجل وربما صنف هناك وقد ينام فتحمل الريح تلك الأوراق وتنقلها من مكان إلى مكان وقيل أن السبب في وجود بعض مصنفاته فيها نقص هو ذلك لأن الريح ربما أطارت تلك الأوراق بعضها من بعض وكان لا يصنف إلا في الرقاع لا في الكراريس وكان أزهد الناس في الدنيا وأجرى عليه سيف الدولة في كل يوم أربعة دراهم وتوجه من دمشق إلى مصر ثم عاد إليها وقيل إنه لما عاد من حران أقام ببغداد واكب على مصنفات أرسطو حتى مهر واتقن الحكمة يقال أن نسخة وجدت لكتاب النفس لأرسطو وعليها بخط أبي نصر الفارابي : قرأت هذا الكتاب مائتي مرة وكان يقول : قرأت السماع الطبيعي لأرسطو أربعين مرة وأنا محتاج إلى معاودته وسئل أأنت أعلم بهذا اللسان أم أرسطو فقال لو أدركته لكنت أكبر تلامذته وقال ابن صاعد القرطبي : بذ جميع الإسلام وأربى عليهم في تحقيق الفلسفة وشرح غامضها وكشف سرها وقرب تناولها وهو صحيح العبارة لطيف الإشارة نبة على ما أعيي على الكندي وغيره من صناعة التحليل وأنحاء التعاليم وأوضح مواد المنطق الخمسة وأفاد وجوه الانتفاع بها وعرف طرق استعمالها وكيف تصرف صور القياس في كل مادة فجاءت كتبه في ذلك الغاية الكافية والنهاية الفاضلة انتهى وألف ببغداد معظم كتبه وتوفي بدمشق في سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة وصلى عليه سيف الدولة في أربعة من خواصه وقد ناهز الثمانين ودفن في مقابر باب الصغير وفاراب يفتح الفاء والراء وبينهما ألف وبعدها ياء وحدة وهي من بلاد الترك وتسمى الآن أطرار بضم الهمزة وسكون الطاء المهملة وبين الرائين ألف ساكنة وكان أبوه قائد جيش