قال ابن النجار : أخو شيخنا حمزة سمع الكثير في صباه مع أخيه من أبي عبد الله الحسين وأبي محمد عبد الله بن علي بن أحمد الخياط وأبي عبد الله محمد بن محمد بن أحمد بن السلال الوراق وأبي بكر أحمد ابن علي بن عبد الواحد الدلال وأبي الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي وأبي عبد الله محمد بن أحمد بن الطرائفي وأبي الحسن أحمد بن عبد الله بن علي بن الأبنوسي وأبي القاسم علي بن عبد السيد بن محمد بن الصباغ وأبي القاسم هبة الله بن الحسين بن الحاسب وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي وأبي الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري وأبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ وأبي إسحق إبراهيم بن محمد بن نبهان الرقي وأبي حفص عمر بن ظفر المغازلي وخلق كثير سواهم .
وعمر حتى حدث بالكثير وانتشرت عنه الرواية وانفرد بقطعة من مسموعاته .
قال ابن النجار : قرأت عليه كثيراً وكان صدوقاً مرضي الأخلاق محمود الطريقة سليم الجانب طيب الأخلاق حلو المجالسة حفظة للحكايات والأشعار لا يمل جليسه منه مضى عمره في استقامة وحسن طريقة .
مولده سنة ثمان وعشرين وخمس مائة ووفاته سنة تسع وست مائة .
ابن البواب محمد بن علي ابن البواب أبو عبيد الله الموصلي .
ذكره البلطي أنه كان معلماً . قال العماد الكاتب : وهو الآن يعيش وهو ابن ثمانين سنة له مفقطعات حسنة فمن ذلك ما أنشدنيه في والده : .
لي أبٌ كل ما به يوصف النا ... س...فهو منه مبرا .
فهو كالصل من بنات الأفاعي ... كلما زاد عمره زاد شرا .
قال : وأنشدني له أيضاً : .
أدرها لقد قام السفيه علي رجل ... وحكم جيش الجهل في عالم الفضل .
الوزير الجواد محمد بن علي بن أبي منصور الصاحب جمال الدين أبو جعفر الأصبهاني الملقب بالجواد وزير صاحب الموصل أتابك زنكي بن آقسنقر .
كان نبيلاً رئيساً دمث الأخلاق حسن المحاضرة محبوب الصورة سمحاً كريماً مدحه القيسراني بالقصيدة التي أولها : .
سقى الله بالزوراء من جانب الغرب ... مهاً وردت عين الحياة من القلب .
كان جده أبو منصور فهاداً للسلطان ملكشاه بن الب رسلان السلجوقي فتأدب ولده وسمت همته وخدم في مناصب علية وصاهر الأكابر فلما ولد له جمال الدين المذكور عني بتأديبه وتهذيبه ثم رتب في ديوان العرض للسلطان محمود بن ملكشاه فظهرت كفايته فلما تولى اتابك زنكي الموصل وما والاها استخدم جمال الدين المذكور وقربه واستصحبه معه إليها وولاه نصيبين فظهرت كفايته وأضاف إليه الرحبة فأبان عن كفاية وعفة فجعله مشرف مملكته وحكمه تحكيماً لا مزيد عليه .
وكان الوزير يومئذٍ ضياء الدين الكفرتوثي فلما توفي سنة ست وثلاثين وخمس مائة تولى الوزارة بعده أبو الرضا ابن صدقة وجمال الدين المذكور فخف على قلب زنكي ولم يظهر جمال الدين في حياة زنكي مالاً ولا نعمة إلى أن توفي على قلعة جعبر فرتبه سيف الدين غازي ابن اتابك في وزارته فظهر جوده حينئذ بالعطايا وبالغ في الإنفاق حتى عرف بالجواد .
وأثر آثاراً جميلة وأجرى الماء إلى عرفات أيام الموسم من مكان بعيد وعمل الدرج من أسفل الجبل إلى أعلاه وبنى سور مدينة النبي A وما كان خرب من المسجد وكان يحمل في كل سنة إلى مكة وإلى المدينة من الأموال وكسوة الفقراء والمنقطعين ما يقوم بهم مدة سنة كاملة وكان له ديوان مرتب باسم أرباب الرسوم والقصاد وتنوع في فعل الخير وواسى الناس زمن الغلاء وكان إقطاعه عشر مغل البلاد على جاري عادة وزراء السلجوقية وأباع يوماً بقياره وصرفه للمحاويج وله مكارم جمة كثيرة .
وأقام على هذا الحال إلى أن توفي مخدومه غازي وقام بعده قطب الدين مودود فاستكثر إقطاعه وثقل عليه أمره فقبض عليه وحبسه ولم يزل مسجوناً حتى توفي في شهر رمضان سنة تسع وخمسين وخمس مائة وصلي عليه وكان يوماً مشهوداً من بكاء الضعفاء والأرامل والأيتام وضجيجهم حول جنازته .
ودفن بالموصل إلى بعض سنة ستين ثم نقل إلى مكة وطيف به حول الكعبة وطافوا به مراراً مدة مقامهم وكان يوم دخوله يوماً مشهوداً وكان معه شخص يذكر مآثره ويعدد محاسنه إذا وصلوا به إلى المزارات فلما انتهى إلى الكعبة وقف وأنشد : .
يا كعبة الإسلام هذا الذي ... جاءك يسعى كعبة الجود