وعيّره خالد بن يزيد باللحن فقال : أنا ألحَن في قولي وأنت تلحَن في فعلك وكان لأمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك من الأولاد جماعة وهم العباس وعبد العزيز ومروان وعنبسةُ ومحمد وعائشة أمهم أم المؤمنين ويزيد وهو الناقص وإبراهيم وَليا الخِلافة وأمّهما شاهفريد بنت يزدجُرد وعمر وأمه نباتة الكندية وأبو عبيدةَ لأمَ ولدٍ وعبد الرحمن ويحيى وتمام ومسرور وبشر وروَح وجزى ومنصور ومبشَّر وعُتبة وخالد وصَدقة لأمهاتِ أولادٍ شَتَّى .
البحتري الشاعر .
الوليد بن عبيد بن يحيى بن عبيد بن شملال بن جابر بن سلمة بن مُسهِر بن الحارث بن الخيثم بن أبي الحارثة ينتهي إلى يَعرُب بن قحطان أبو عُبادة الطائي البحتري ولد بِمَنبِج وقيل بزَردَفنه بزاي مفتوحة وبعدها راء ساكنة ودال مهملة مفتوحة وفاء ساكنة وبعدها نون وهاء قرية من قُرى منبج سنة ستّ وقيل سنة خمسٍ ومائتين وقيل سنة مائتين وتوفي سنة أربع وثمانين وقيل خممس وثمانين وقيل ثلاث وثمانين ومائتين وتوفي وهو ابن ثمانينَ سنةً أو أكثر نشأ البحتري وتخرّج بمنبج وخرج إلى العراق ومدح جماعةً من الخلفاء أولهم المتوكل وخلقاً كثيراً من الأكابر ثم عاد إلى الشام قال صالح بن الأصبغ : رأيتُ النحوي ها هنا عندنا قبل أن يخرج إلى العراق يجتاز بنا في الجامع من هذا الباب يمدح أصحاب البصل والباذنجان وينشدنا في ذهابه ومجيئه ثم كان أمره ما كان وكان البحتري يقول : أول أمرِي في الشعر ونَباهتي فيه أني صرت إلى أبي تمام وهو بحمص فعرضتُ عليه شعري وكان يجلس فلا يَبقى شاعر إلا قصده وعرض عليه شعرَه فلما سمع شعري أقبل عليّ وترك سائر الناس فلما تفرَّقوا قال : أنت أشعر من أنشدني فكيف حالك ؟ فشكوتُ خَلّة فكتب إلى أهل معرّة النعمان وشهد لي بالحِذق وشفع لي إليهم وقال : امتدِحهُم فصرت إليهم فأكرموني بكتابِه ووظّفوا لي أربعة آلاف درهم فكانت أول ما أصبته وقال : أول ما رأيتُ أبا تمامٍ أني دخلتُ إلى أبي سعيد محمد بن يوسف فامتدحته بقصيدتي التي أولها : .
أأفاق صَبٌّ في الهوى فأُفيقا ... أم خان عهداً أم أطاع شفيقا .
فأنشدتُها له فلمّا أتممتُها سُرّ بها وقال لي : أحسن الله إليك يا فتَى فقال له رجل في المجلس : هذا أعزّك الله شعري عَلَّقه هذا فسبقني إليه فتغير أبو سعيد وقال : يا فتى قد كان في نسبك وقرابتك ما يكفيك أن تَمُتَّ به إلينا ولا تحمل نفسك على هذا فقلت : هذا شعري أعزّك الله فقال الرجل : سبحان الله يا فتى لا تقل هذا ثم ابتدأ فأنشد من القصيدة أبياتاً فقال أبو سعيد : نحن نبلغك ما تريد ولا تحمل نفسك على هذا فخرجت متحيّراً لا أدري ما أقول ونويتُ أن أسأل عن الرجل مَن هو فما أبعدت حتى ردني أبو سعيد وقال لي : جنيتُ عليك فاحتمل أتدري من هذا ؟ قلت : لا قال : هذا ابن عمك حبيب بن أوس الطائي أبو تمام قم إليه فقمت إليه فعانقتُه ثم أقبل يقرِّظني ويصف شعري وقال : إنما مَزَحتُ معكَ فلزمته بعد ذلك وعجبت من سرعة حفظه وقال الصولي : إن ابا تمام راسل أم البحتري في التزوج بها فأجابته وقالت : اجمع الناس للإملاك فقال : الله أجلّ أن يُذكرَ بيننا ولكن نتصافح ونتسافح وقيل للبحتري : أيّما أشعرُ أنت أم أبو تمام ؟ فقال : جَيِّده خيرٌ من جَيِّدي ورديئي خيرٌ من رديئه قلت : لَعَمري إنّ البحتري لصادقٌ وقد أنصف . وقيل لأبي العلاء المعرّي : أي الثلاثة أشعر أبو تمام أم المتنبّي أم البحتري ؟ فقال : أبو تمام والمتنبّي حكيمان والشاعر البحتري . وفيه يقول ابن الرومي : .
والفتى البحتري يسرق ما قا ... لَ ابنُ أوسٍ في المدح والتشبيب .
كل بيتٍ له يجوّد معنا ... ه فمعناه لابن أوسٍ حبيبِ .
وقال البحتري : أنشدتُ أبا تمامٍ من شعري فأنشد بيت أوس بن حَجَر : .
إذا مُقرَمٌ منّا ذَرا حدُّ نابِه ... تخمّطَ فينا نابُ آخر مُقرَمٍ