الهيثم بن عديّ بن عدي بن زيد اُسَيد بن جابر ابو عبد الرحمن الطّائيّ الثُعَلبي البحتري الكوفي كان راويةً إخبارياً نقل من كلام العرب وأشعارها ولغاتِها كثيراً وكان أبوه نازلاًبواسِط وهو خَيِّر وأمّا الهيثم فكان يتعرض لمثالب الناس ونقل أخبارهم وأورد معايبَهم وكانت مَستورةً فكَرِهَ لذلك ونقل عن العباس شيئاً فحُبِس لذلك سنين حبسه الرشيدُ وقيل إن ذلك نُقِل عنه زُوراً لأنه صاهر قوماً فلم يَرضَوه فلبَّسوا عليه ما لم يَقُله وكان يَرى رأيَ الخوارج قال ابن معينٍ وأبو داود : كذَّابٌ وقال النسائي وغيره : متروك الحديث : وقلَّ ما رَوَى من المُسنَد وتوفي سنة سبعٍ ومائتين وله عَقِبٌ ببغداد وكانت وفاته بفم الصلح عند الحسن بن سهل وله ثلاث وتسعون سنةً وكان قد روى عن مجالد وابنِ عيّاشٍ المنتوف وغيرهما وأكثر وأتاه أبو نواسٍ وهو في حلقته فلم يعرِفه فلما توجه من عندِه قيل له : هذا أبو نواس فقال : إنا لله هذه والله بَليَّةٌ لم أجنِها قوموا بنا إليه فجاء إليه واعتذر بأعذارِ مقبولةٍ فقال : قد قبِل الله عُذرَك وما ظننت إلاّ بعضُ مَن حَضَرك قد عرَّفك أمري قال : لم يكن ذلك فلا تذكُرني بشيء قال أما في المستألف فلا فقال الهيثم : قد قنعت وخرج ودسّ بعض تلاميذه أن يعود إليه فعاد إليه فأنشده : .
يا هيثم بن عديٍّ لستَ للعرَبِ ... ولست من طَيِّءٍ إلاّ على شَغَبِ .
الهيثم بن عديٍّ في تلوُنه ... في كل يوم له رجلٌ على حَسَب .
فما يزال أخا حلٍّ ومُرتحلٍ ... إلى الموالي وأحياناً إلى العَرَب .
لله أنتَ فما قُربَى تهُمُ بها ... إلا اجتلبتَ لها الأنسابَ من كثَب .
إذا نسبتَ عَديّاً في بني ثُعَلٍ ... فقدِّمِ الدال قبل العين في النسب .
كأنني بك فوق الجسر منتصباً ... على جوادٍ قريبٍ منك في الحسب .
حتى نراك وقد دَرَّعتَه قُمُصاً ... من الصديد مكانَ اللِّيف والكَرب .
ومن قول أبي نُواس فيه : .
لا خيرَ في نسّابةٍ عالمٍ ... يَعجُزُ عن ذي نَسبٍ يبتغيه .
إذا أبٌ شُرِّف في مجلسٍ ... شدّ عليه هيثمٌ يَدَّعِيه .
ولأبي الهول الحميَري أيضاً فيه هجاءٌ وقال دِعبل يهجوه أحمد بن أبي دُؤادٍ : .
سألتُ أبي وكان أبي عليماً ... بأخبار الحواضرِ والبوادي .
فقلتُ له أهيثَمٌ من عديٍّ ... فقال كأَحمدَ بن أبي دؤاد .
فإن يَكُ هيثمٌ منهم صحيحاً ... فأحمدُ غيرُ شكٍّ من إياد .
مَتى كانت إيادُ تَرؤسُ قوماً ... لقد غضب الإله على العِباد