هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية أبو الوليد أمير المؤمنين الأموي كان يلقَّب السرّاق والمتفلت لأنه قطع عطاء أهل المدينة سنتين ثم أعطاهم قبل موته عطاءً واحداً فسموه المتفلت أمه أم هاشم فاطمة بنت هشام بن إسماعيل بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وكان أبيض أحول مسمَّناً طويلاً اكشفَ يخضِب بالسواد مولده سنة قُتل ابن الزُّبير سنة اثنتين وسبعين للهجرة وتوفي بالرُّصافة من أرض قنَّسرين ليلة الأربعاء لسِتّ خلون من شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة وله إحدى وستون سنة وقيل ثلاث وخمسون سنة وشهر وصلى عليه ابنه مسلمة بن هشام وبويع له لخمسٍ بقين من شعبان سنة خمس ومائة ويقال بعد موت أخيه يزيد بخمسة أيام وبعهدٍ من أخيه مستهلّ شهر رمضان بالرصافة وهو يومئذ ابن ثلاث وأربعين سنة وكانت أيامه تسع عشرة سنة سبعة أشهر وهو الذي قتل زيد بن علي بالكوفة سنة إحدى وعشرين ومائة وكاتبه سالم مولى سعيد بن عبد الملك وحاجبه غالب بن مسعود مولاه ويقال غالب بن منصور ونقشُ خاتمِه : الحكمُ للحَكَم الحَكيم وكانت داره عند باب الخوّاصين التي بعضها الآن المدرسة النورية قال مصعب بن الزبير : زعموا أن عبد الملك رأى في منامه أنه بال في المحراب اربع مرات فدسّ من سأل سعيد بن المسيَّب : وكان يعبر الرؤيا وعظمت على عبد الملك فقال سعيد بن المسيب يملِك من ولده لصُلبه أربعةٌ فكان آخرهم هشام وكان يجمع المال ويوصَف بالحرص وببخل وكان حازماً عاقلاً صاحب سياسة حسنة قال أبو عُمير بن النحالي : حدّثني أبي قال : كان لا يدخل بيت مال هشام مالٌ حتى يشهد أربعون قسّامةً لقد أخذ من حقِّه ولقد أُعطي لكل ذي حقٍّ حقّه وقيل إنه ما كان أحدٌ من الخلفاء أكرهَ إليه الدماء ولا أشدَّ عليه من هشامٍ لقد دخله من مقتل زيد بن علي ويحيى بن زيد أمرٌ شديد ولقد ثقُل عليه خروج زيد فما كان شيء حتى أُتي إليه برأسه وصُلِب بدنه بالكوفة قال الواقدي : فلما ظهر بنو العباس عَمَد عبد الله بن علي فنبش هشاماً من قبره وصلبه وكان هشام رجل بني أمية حزماً ورأياً وتثبُتاً ولما أتته الخلافة سجد لله شُكراً ورفع رأسه فوجد الأبرشَ الكلبي معه فقال : مالك لم تسجد معي ؟ فقال : يا أمير المؤمنين : رأيتُك قد رُفعتَ إلى السماء وأنا مُخلِدٌ إلى الأرض فقال : أَرَيتُكَ إن رَفعتُك معي أتسجد قال : الآن طاب السجود وسجد فأمر له بالإحسان الكثير وأن يكون جليسه طول مدته وعوتب في شأنه وقيل له : ما تجالس من هذا الأبرشَ ؟ فقال : حَظّي منه عقله لا وجهه وجمع من الأموال ما لم يجمعه خليفة قبله فلما مات احتاط الوليد على كلّ ما تركه فما غُسِّل ولا كُفِّن إلاّ بالقَرض والعارية والمشهور عنه أنه ليس له من الشعر سوى هذا البيت : .
إذا أنت لم تعصِ الهوى قادَكَ الهوى ... إلى كلّ ما فيه عليك مَقالُ .
ونسب إليه ابن المعتزّ أيضاً : .
ابلِغ أبا مروانَ عنّي رسالةً ... فماذا بعَيبٍ من وفاءٍ ومن صَبرِ .
ونحن كَفيناك الأُمورَ كما كفى ... أبوك أبانا الأمرَ في سالف الدَّهر .
وعزا إليه أيضاً : .
ابلغ أبا وهبٍ ما لقِيتهُ ... فإنك شرُّ الناس غيباً لصاحبِ .
تبدّى له بِشرا إذا ما لقِيتَه ... وتَلسَعُه بالغَيب لَسعَ العقارب .
قيل : ومن بُخله أنّه رأى بعض أولاده وبثوبه خَرق فقال له : عزمتُ عليك إلاّ ما رفأتَه وتمثل بقول القائل : .
قليلُ المالِ تُصلِحه فيَبقى ... ولا يبقى الكثيرُ مع الفساد .
ابن الصابوني القُرطُبي .
هشام بن عبد الرحمن بن عبد الله أبو الوليد ابن الصابوني القُرطبي له كتاب في " تفسير البخاريّ " على حروف المعجم كثير الفائدة توفي سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة .
صاحب الأندلس