النعمان بن عمرو بن رفاعةَ بن سوادٍ الأنصاري ويقال له نعميان شهد العَقَبةَ الأخيرة وهو من السبعين وشهد بدراً والمشاهد كلها مع رسول الله A قال الواقدي : بقي نعيمان حتى توفي في خلافة معاوية قال ابن عبد البرّ : أظنه صاحب أبي بكرٍ وسُوَبيط وأظنه الذي جُلد في الخمر أكثر من خمس مرارٍ قلت : هو صاحب الحكايات الظريفة والنوادر منها أن أبا بكر خرج تاجراً إلى بصرى ومعه نعيمان وسوبيط بن حَرملة وكلاهما بَدريٌّ وسوبيط على الزاد فقال له نعيمان : أطعِمني فقال : لا حتى تأتي أبو بكر فقال : لأغيظنَّك وذهب إلى أناس حلبوا ظهراً فقال : ابتاعوا مني غُلاماً عربياً فارهاً وهو ذو لسان ولعله يقول : أنا حُرّ فإن كنتم تاركيه لذلك فدعُوني لا تفسِدوا عليّ غلامي قالوا : نبتاعه منك بعشر قلائص فأقبل بها يسوقها وأقبل بالقوم حتى عقلها ثم قال : دونكم هو هذا فقال القوم : قد اشتريناك فقال : هوكاذب أنا رجل حرّ فقالوا : قد أخبِرنا خبرَك وطرحوا الحبل في عنقه وذهبوا به فجاء أبو بكر وأخبر الخبر فذهب هو وأصحابه وردوا القلائص وأخذوه ولما حكى هذا الخبر للنبي A ضحك هو وأصحابه عن ذلك حولاً . وعن ربيعة بن عثمان قال : جاء أعرابي إلى رسول الله A فدخل المسجد وأناخ ناقته بفنائه فقال بعض أصحاب النبي A للنعيمان : لو نحرتَها فأكلناها فإنا قد قرمنا إلى اللحم ويغرَم رسول الله A ثمنَها قال : فنحرها نعيمان ثم خرج الأعرابي فرأى راحلته فصاح : واعُقراه يا محمد فخرج النبي A فقال من فعل هذا ؟ قالوا النعيمان فأتبعه يسأل عنه فوجده في دار ضُباعة بني الزبير بن عبد المطلب قد اختفى في خندق وجعل عليه الجريدَ والسَّعف فأشار إليه رجل ورفع صوته : ما رأيته يا رسول الله فأشار بإصبعه حيث هو فأخرجه رسول الله A وقد تغير وجهه بالسعف الذي سقط عليه فقال له : ما حملك على ما صنعت ؟ قال : الذين دلوك عليّ يا رسول الله هم الذين أمروني قال : فجعل رسول الله A يمسَح عن وجهه ويضحك ثم غرِمها رسول الله A . وقيل : كان مخرمةُ بنُ نوفل بن وهبٍ الزهري شيخاً كبيراً أعمى بالمدينة بلغ مائةً وخمسَ عشرةَ سنة فقام يوماً في المسجد يريد أن يبول فصاح به الناس فأتاه نعيمان فتنحى به ناحية من المسجد ثم قال له : اجلس ههنا لإأجلسه وتركه يبول فبال فصاح به الناس فلما فرغ قال : من جاء بي ويحكم هذا الموضع ؟ قالوا : نعيمان بن عمرو فقال : فعل الله به وفعل أما إن لله عليّ إن ظفرت به أن أضربه بعَصايَ هذه ضربةً تبلغ منه ما بلغَتْ فمكث ما شاء الله حتى نَسيَ ذلك مخرمة ثم أتاه يوماً وعثمان قائم يصلي في ناحية من المسجد وكان عثمان إذا صلّى لا يلتفتُ فقال له : هل لك في نعيمان ؟ قال : نعم أين هو ؟ دُلَّني عليه فأتى به حتى أرقفه على عثمان فقال : دونَكَها فجمع مخرمة يديه بعصاه وضرب عثمان فشجّه فقيل له : إنما ضربتَ أمير المؤمنين عثمان فسمعت بذلك بنو زهرة فاجتمعوا لذلك فقال عثمان : دعوا نعيمان لعن الله نعيمان فقد شهد بدراً وقيل إنه كان يصيب الشراب وكان يُؤتى به النبي A فيضربه بنعله ويأمر أصحابه فيضربونه بنعالهم ويُحثون عليه التراب فلما أكثر ذلك منه قال له رجل من أصحاب النبي A : لعنك الله فقال رسول الله A : لا تفعل فإنه يحب الله ورسوله . وكان نعيمان لا يدخل المدينة رسل ولا طرفه إلا اشترى منها ثم جاء به إلى النبي A فقال : يا رسول الله هذا أهديتُه لك فإذا جاء أصحابه يطلبون ثمنه من نعيمان جاء بهم إللا رسول الله A وقال : أَعطِ هؤلاء ثمن هذا فيقول رسول الله A : أوَ لم تُهدِ لي ؟ فيقول : يا رسول الله لم يكن عندي ثمنه وأحببتُ أن تأكله فيضحك رسول الله A ويأمر لأصحابه بثمنه . وقال ابن عبد البر : كان له ابن قد انهمك في شرب الخمر فجلده رسول الله A فيها أربع مرّات فلعنه رجل كان عند رسول الله A فقال رسول الله A : لا تلعَنه فإنه يحب الله ورسوله وفي