بان عليها الذُّلَّ مِن بعدِهِم ... وزاد حتى كاد أن لا يَبين .
فإن تَقُل أينَ الذين اغتدوا ... يقُل صَداها لك أين الذين .
وأخذه ابن سيناء الملك من القاضي ناصح الأرَّجاني حيث قال : .
سأل الصَدى عنه وأصغَى للصَدَى ... كيما يُجيبَ فقال مِثلَ مقالِهِ .
ناداه أين تُرَى مَحطَّ رِحالِه ... فأجاب أين تُرى محطَّ رِحالِهِ .
وأنشدني أثير الدين لنصير المذكور ايضاً : .
أقول للكأسِ إذ تَبَدَّت ... في كفِّ أحوى أعَّنَ أحوَرْ .
خرَّبتَ بيتي وبيتَ غيري ... وأصلُ ذا كعبُكَ المدَوَّر .
وأنشدني له أيضاً : .
إن الغزالَ الذي هام الفؤادُ به ... استأنسَ اليومَ عندي بعد ما نَفَرَا .
أَظهرتُها ظاهرياتٍ وقد رَبَضَتْ ... فيها الأُسودُ رآها الظبيُ فانكسرا .
وأنشدني له أيضاً : .
قالوا افتضحتَ بحبه ... فأجبتُ : لي في ذا اعتذارُ .
من لي بكتمان الهَوَى ... وبخدّه نَمَّ العِذار .
وأنشدني له أيضاً .
ما زال يَسقيني زُلالَ رُضابِه ... لمّا خَفِيتُ ضَنىً وذُبتُ تَوَقُّدا .
ويَظنُّني حيّاً رَوِيتُ بريقه ... فإّذا دَعا قلبي يجاوبُه الصدا .
وأنشدني له أيضاً : .
ماذا يضرك لو سمحتَ بزَورةٍ ... وشَفَعتَها بمكارم الأخلاقِ .
ورَدعتَ نفسَك حين تمنعُك اللقا ... وتقول هذا آخر العُشَّاق .
وأنشدني من لفظه القاضي جمال الدين إبراهيم ابن شيخنا العلامة شهاب الدين أبي الثناء محمود قال : أنشدني من لفظه لنفسه النصير الحَمَّامي بقلعة الجبل : .
لي مَنزِلٌ معروفُهُ ... يَنهَلُّ غَيثا كالسُحُبْ .
أقبل ذا العُذرِ به ... وأُكرِمَ الجارُ الجُنُب .
وأنشدني أيضاً قال : أنشدني لنفسه : .
رأيتُ فتى يقول بشَطِّ مصر ... على دَرَجِ بَدَت والبعضُ غارِق .
متى غطّى لنا الدَرَجَ استقمنا ... فقلت نَعَم وتنصَلِح الدقائِق .
قلت في قوله الدقائق : هنا نظرٌ وقد ذكرت فساد التورية في كتابي المسمَّى " فضّ الخِتام عن التورية والاستخدام " وأنشدني القاضي جمال الدين إبراهيم المذكور قال : أنشدني النصير الحمامي لنفسه : .
ومُذْ لَزِمتُ الحمّامَ صِرتُ فتىً ... خِلاًّ يُداري مَن لا يداريه .
أعرِفُ حَرَّ الأشيا وباردَها ... وآخُذُ الماءَ من مَجاريه .
قلت : لما كتب أبو الحسين الجزار إلى نصير الحمامي : .
حُسنُ التأتي مما يُعين على ... رِزِق الفتى والحُظوظ تختلفُ .
والعبدُ مُذ كان في جِزارته ... يعرف من أينَ تُوكَل الكَتف .
كتب النصير الحمامي إليه البيتين المذكورين أولاً وأنشدني الحافظ الشيخ فتح الدين بن محمد بن سيّد الناس قال : أنشدني النصير الحمامي لنفسه : .
رأيتُ شخصاً آكِلٌ كِرشةً ... وهُو أخو ذوقٍ وفيه فِطَن .
وقال ما زِلتُ مُحباً لها ... قلت من الإيمان حُبُّ الوَطَنُ .
وقال النصير يوماً للسِراج الوراق : قد عَمِلتُ قصيدةً في الصاحب تاج الدين وأشتهى أَنَكَّ تُزَهرِه لها وتشكُرها وسَيرها إلى الصاحب فلما اُنشِدَت بحضرة السِراج قال السراجُ بعد ما فُرِغَ منها : .
شاقني للنصير شِعرٌ بَديعٌ ... ولِمثلي في الشعر نَقدٌ بصيرُ .
ثم لمّا سَمِعتُ باسمك فيه ... قلتُ نَعمَ المَولى ونِعمَ النصير .
فأمر الصاحب له بدراهم وسيرها إليه وقال : قل له هذه مائتا درهمٍ صَنجَةً فلما أدى الرسول الرسالة قال النصيرُ : قبِّل الأرضَ بين يدي مولانا الصاحب وقُل : يسألُ إحسانَك وصدقاتِك أن تكونَ عادةً فلمّا سمع ذلك الصاحب أعجبه وقال : يكون ذلك عادة وكتب النصير إلى السِّراج يتشوق : .
وكدّرتَ حمامي بغيبتك التي ... تكدَّرَ من لذاتها صَفوُ مشرَبي .
فما كان صَدرُ الحَوض مُنشرِحاً بها ... ولا كان قلبُ الماء فيها بِطيِّب .
وكتب أيضاً يستدعي إلى حمامه : .
من الرأي عندي أن تواصِلَ خَلوَةً ... لها كَبِدٌ حَرَّى وفَيضُ عيونِ