لاجين السلطان الملك المنصور حسام الدين المنصوري مملوك المنصور قلاوون : أمره أستاذه عندما تسلطن وبعثه نائباً على قلعة دمشق . فلما تسلطن سنقر الأشقر بدمشق ودخل القلعة قبض عليه .
فلما انكسر سنقر الأشقر أخرجه الأمير علم الدين الحلبي .
ثم رتب في نيابة السلطنة بمرسوم السلطان ودخل عفي خدمته إلى دار السعادة فعمل بالنيابة أحد عشر سنة .
ثم عزله الأشرف بالشجاعي . وكان جيد السيرة محبباً إلى الدماشقة فيه عقل زايد وسكون وشجاعة مشهورة ودين وإسلام .
وكان شاباً أشقر في لحيته طول يسير وخفة وجهه رقيق معرق وعليه هيبة وهيئة تامة في قده رشاقة .
خنق بين يدي الملك الأشرف خليل ثم خلي فإذا فيه روح . ورق له السلطان وأطلقه ورده إلى رتبته .
ويقال أنه إنما قام على الأشرف لأنه تعرض لبيته بنت طقصو فعز ذلك عليه .
ولما قتل الأشرف هو وبيدرا اختفى وتنقل في البيوت وقاسى الأهوال من الجوع والعطش والخوف ثم أجاره كتبغا وأحسن إليه ودخل به إلى السلطان الملك الناصر وقرر معه أن يخلع عليه ويحسن إليه ففعل به ذلك وأعطاه خبزاً .
فلما ملك كتبغا جعله نائب السلطنة فوثب عليه كما تقدم في ترجمة كتبغا وقتل غلاميه الأزرق وبتخاص وتغافل عنه لما عليه من الأيادي .
وهرب كتبغا كما تقدم . وساق لاجين الخزائن والعساكر بين يديه من الغور وما دخل غزة إلا وهو سلطان ولم يختلف عليه اثنان وتملك أول صفر سنة وجلس على سرير الملك وبعث قبجق نائباً بدمشق لأنه خوشداشاه وجعل قراسنقر نائبه بمصر إلى أن تمكن وقبض عليه وأقام مكانه في النيابة مملوكه منكوتمر فحسن له القبض على الأمراء فاسمك البيسري وقارسنقر وايبك الحموي وسقى جماعة ولذلك هرب قبجق وبكتمر والكي وبزلار إلى التتار ولم يخرج إلى الشام مدة ملكه .
ولما كان في يوم الخميس عاشر شهر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وستمائة ركب في موكبه وهو صائم وعمل عليه جماعة من الأشرفية : دخلوا عليه بعد العشاء الآخرة وهو مكب على اللعب بالشطرنج وما عنده إلا القاضي حسام الدين الحنفي وعبد الله الأمير وبريد البدوي وإمامه محب الدين ابن العسال .
فأول من ضربه بالسيف كرجي مقدم البرجية . وتوجه طغجي وكرجي إلى دار منكوتمر ودقا عليه الباب وقالا : السلطان يطلبك فنكرهما وقال : قد قتلتماه فقال كرجي : نعم يا مأبون بيتنا لنقتلك فاستجار بطغجي فأجاره وحلف له فخرج إليهما فذهبا به إلى الجب وأنزلاه فاغتنم كرجي الغفلة وحضر إلى الجب وأخرج منكوتمر من الجب وذبحه وقال : نحن ما قتلنا أستاذه إلا من أجله فما في بقائه فائدة .
ونهبوا دياره في الحال واتفقوا على إعادة الملك الناصر محمد من الكرك إلى الملك وأن يكون طغجي نائباً وحلفوا له على ذلك .
وارسلوا سلار لإحضاره وهو أمير صغير .
وعمل طغجي النيابة أربعة أيام فلما حضر أمير سلاح من غزوة الشام وقتل طغجي وكرجي عندما التقياه وبقي يعلم على الكتب ثمانية أمراء : سلار والجاشنكير وبكتمر أمير جندار وجمال الدين ىقوش الفرم والحسام استاد الدار وكزد وأيبك الحزندار والأمير عبد الله .
وقتل لاجين وهو في عشر الخمسين أو جاوزها بقليل وقيل : إن السلطان الملك المنصور قلاوون قال لولده الملك الأشرف خليل : إذا صار الأمر إليهم فلا تعارض طرنطاي ولا تشوش عليه فما يخونك .
وأما لاجين فلا تكلمه وإن أمسكته فلا تبقه فخالفه الشرف في أمر المذكورين .
وكان حسام الدين لاجين من أعقل الناس وأنصفهم . وهو الذي خرج الخلفاء من الحبس وابطل الثلج الذي ينقل في البحر من الشام إلى مصر وقال : أنا كنت في الشام وأعلم ما يقاسي الناس في وسقه . وكان ذكيا ًنبيهاً .
حكى لي القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله قال : حكى لي والدي أنه وصل إليه بعض الأيام بريد من مصر وعلى يبده كتاب من طرنطاي ومما فيه بخطه أن الخروف نطح كبشه اقلبه فقال لي : ما هذا يا محيي الدين ؟ قلت : لا أعلم فقال : هذا الكلام معناه أن بيدرا قد وثب على عمه الشجاعي وكذا كان فإن الشجاعي كان زوج أم بيدرا فعمل عليه عند المنصور وأمسكه وعزله وصادره وهذا في غاية الفهم من مثل هذه الإشارة .
وحكى لي الأمير شرف الدين أمير حسين بن جندر قال قال لي حسام الدين :