كنا نهون قبل اليوم شأنهم ... حتى تفاقم أمر كان يحتقر .
لما وهنا وقد حلوا بساحتنا ... واستنفروا الناس تاراتٍ فما نفورا .
نادى المرؤ لا خلاف في عشريته ... عنه وليس به عن مثلها قصر .
حتى انتهى إلى قوله ببعد وصفه وقائعهم مع المهلب في بلد بلد وأمرهم فيها : .
خبوا كمينهم بالسفح إذ نزلوا ... بكازرون فما عزوا ولا نصروا .
باتت كتائبنا تردي مسومةً ... حول المهلب حتى نور القمر .
هناك ولوا خزايا بعدما هزموا ... وحال دونهم الأنهار والجدر .
تأبى علينا حزازات النفوس فما ... نبقي عليهم ولا يبقون إن قدروا .
فضحك الحجاج وقال : إنك لمنصف يا كعب ثم قال له : أخطيب أنت أم شاعر ؟ فقال : شاعر فقال : كيف كانت بنو المهلب ؟ صفهم لي رجلاً رجلاً فوصفهم بأوصاف بليغة قال : فأيهم أفضل ؟ قال : هم كالحلقة المفرغة قد التقى طرفاها لا يعرف طرفها فقال : كان المهلب أعلم حيث بعثك وأمر له بعشرين ألف درهم وحمله على فرس وأوفده على عبد الملك فأكمر له بعشرين ألف درهم .
وقال عبد الملك : الشعراء يشبهونني مرة بالسد ومرة بالبازي ومرة بالصقر ألا قالوا كما قال كعب الأشقري في المهلب وولده : .
براك الله حين براك بحراً ... وفجر منك أنهاراً غزارا .
بنوك السابقون إلى المعالي ... إذا ما أعظم الناس الفخارا .
كأنهم نجومٌ حول بدرٍ ... دراري تكمل فاستدارا .
ملوكٌ ينزلون بكل ثغرٍ ... إذا ما الهام يوم الروع طارا .
رزان في الأمور ترى عليهم ... من الشيخ الشمائل والبخارا .
نجومٌ يهتدى بهم إذا ما ... أخو الغمرات في الظلماء حارا .
ووقع شر بين عبد القيس وبين الأزد فسكن ذلك المهلب واصلح بينهم وتحمل ما أحدثه كل فريق على الآخر وأدى دياته فقال كعب : .
إني وإن كنت فرع الأزد قد علموا ... حزني إذا قيل : عبد القيس أخوالي .
فيهم أبو مالكٍ بالمجد شرفني ... ودنس العبد عبد القيس سربالي .
فبلغ لك زياداً الأعجم فغضب وقال : يقول هذا في عبد القيس وقد علم موضعي فيهم ؟ والله لأدعنه وقومه غرضاً لكل لسان ثم قال يهجوه : .
نبيت أشقر يهجونا فقلت لهم ... ما كنت أحسبهم كانوا ولا خلقوا .
لا يكثرون وإن طالت حياتهم ... ولو يبول عليهم ثعلب غرقوا .
قومٌ من الحسب الأدنى بمنزلةٍ ... لو يرهنون بنعلي عندها غلقوا .
فقال كعب يهجوه : .
لعل عبيد القيس تحسب أنها ... كتغلب في يوم الحفيظة أو بكر .
يضعضع عبد القيس في الناس منصبٌ ... دنيء وأحساب جبرن على كسر .
إذا شاع أمر الناس وانشقت العصا ... فإن لكيزاً لا تريش ولا تبري .
ولكعب ابن أخ شاعر أيضاً .
أبو مالك الأشعري .
كعب بن عاصم أبو مالك الأشعري : توفي سنة ثمان عشرة للهجرة .
وروى له الأربعة مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
فاضي البصرة .
كعب بن سور الأزدي : كان مسلماً على عهد النبي A ولم يره فهو معدود في كابر التابعين . ولي لعمر قضاء البصرة لأن امرأة شكت زوجها لعمر فقالت : إن زوجي يقوم الليل ويصوم النهار وأنا أكره أن أشكوه إليك وهو يعمل بطاعة الله .
وكأن عمر لم يفهم عنها وكعب هذا معه فأخبره أنها تشكو أنا ليس لها منه نصيب فأمره عمر أن يقضي بينهما فقضى للمرأة بيوم من أربعة أيام أو ليلة من أربع ليال فسأله عمر عن لك فنزع بأن الله تعالى جعل له أن يتزوج بأربع نسوة ولا زيادة فلها ليلة من أربع فقال له عمر : والله ما رأيك الأول بأعجب من الآخر اذهب فأنت قاض على البصرة .
وكان يوم الجمل فخرج وبيده المصحف فنشره وشهره وجال بين الصفين - ينشد الناس الله في دمائهم فأصابه سهم غرب فقتله وتوفي يوم الجمل سنة ست وثلاثين .
ويقال أنها أنشدت أي المرأة تقول : .
يا أيها القاضي الفقيه أرشده ... ألهى حليلي عن فراشي مسجده