وهذا الذي كان يحبه ابن داود اسمه وهب بن جامع العطار الصيدلاني وسوف تأتي ترجمته إن شاء الله تعالى في مكانها من حرف الواو دخل على ابن داود إبراهيم بن محمد نفطويه وقد ضنى على فراشه فقال له : يا با بكر ما هذا مع القدرة والمحبوب مساعد ؟ فقال : أنا في آخر يوم من أيام الدنيا لا أنالني الله شفاعة محمد A إن كنت حللت سراويلي على حرام قط حدثني أبي بإسناده إلى ابن العباس قال : قال رسول الله A : من عشق فكتم وعف وصبر ثم مات شهيداً وأدخله الله الجنة قال ابن الجوزي في المرآة : الحديث رواه الخرايطي يرفعه إلى ابن عباس قال : قال رسول الله A : من عشق فعفت فمات فهو شهيد قلت : هذا الحديث رواه الذراع في جزءه وفي طريقه سويد بن سعيد الحد ثاني وهو من شيوخ مسلم إلا أن يحيى بن معين ضعفه قال فيه كلاماً معناه : لو ملكت فرساً ورمحاً لقاتلته بسبب هذا الحديث ورواه الدار قطني عن المنجنيفي فتابع سويداً ولما مات محمد جلس ابن سريج في عزايه وبكى وجلس عل التراب وقال : ما آسى إلا على لسان أكله التراب من أبي بكر ويحكى أنه لما بلغته وفاته كان يكتب شيئاً فألقى الكراسة من يده وقال : مات من كنت أحث نفسي وأجهدها على الاشتغال لمناظرته ومقاومته وروى محمد عن أبيه وغيره وحكى أبو بكر بن أبي الدنيا أنه حضر مجلس محمد فجاءه رجل فدفع إليه رقعة فأخذها وتأملها طويلاً وظن تلامذته أنها مسألة فقلبها وكتب في ظهرها ودفعها فإذا الرجل علي بن العباس المعروف بابن الرومي الشاعر وإذا في الوقعة مكتوب : .
يا ابن داود يا فقيه العراق ... أفتنا في قواتل الأحداق .
هل عليهن في الجروح قصاص ... أم مباح لها دم العشاق .
وإذا الجواب : .
كيف يفتيكم قتيل صريع ... بسهام الفراق والاشتياق .
وقتيل التلاق أحسن حالاً ... عند داود من قتيل الفراق .
اجتمع يوماً هو وابن سريج في مجلس الوزير ابن الجراح فتناظرا في الإيلاء فقال له ابن سريج : أنت بقولك : من كثرت لحظاته دامت حسراته ابصر منك بالكلام في الإيلاء فقال له أبو بكر : لئن قلت ذاك فإني أقول : .
أنزه في روض المحاسن مقلتي ... وأمنع نفسي نفسي أن تنال محرما .
وأحمل من ثقل الهوى ما لو أنه ... يصب على الصخر الأصم تهدما .
وينطق طرفي عن مترجم خاطري ... فلولا اختلاسي رده لتكلما .
فقال له ابن سريج : وبم تفتخر علي ؟ ولو شئت أنا أيضاً لقلت : .
ومساهر بالغنج من لحظاته ... قد بت أمنعه لذيذ سناته .
ضنا بحسن حديثه وعتابه ... وأكرر اللحظات في وجناته .
حتى إذا ما الصبح لاح عموده ... ولى بخاتم ربه وبراته .
فقال أبو بكر : يحفظ الوزير عليه ذلك حتى يقيم عليه شاهدي عدل أنه ولى بخاتم ربه وبراته فقال ابن سريج : يلزمني في ذلك ما يلزمك في قولك أنزه في روض المحاسن مقلتي البيت فضحك الوزير وقال : لقد جمعتما ظرفاً ولطفاً وفهماً وعلما