وتوفي سنة أربع وثمانين وخمسمائة بالقاهرة . وأسلم ولده أبو الفرج وكان كحالاً أيضاً .
أتى إلى أبي الفضائل صاحب له من اليهود ضعيف الحال وطلب منه أن يرفده بشيء فأجلسه عند داره وقال له : معاشي اليوم لك بختك رزقك . وركب حماره ودار على المرضى والرمدا ولما عاد أخرج عدة الكحل وفيها قراطيس كثيرة مصرورة وجعل يفتحها شيئاً بعد شيء فيجحد منها ما فيه الدينار والأكثر وما فيه الدراهم الناصرية وما فيه دراهم السواد فكان ذلك ما يقارب الثلاثمائة درهم وقال له : والله ما أعرف الذي أعطاني الذهب من الدراهم .
الناصرية من الدراهم السوداء .
فضة جارية المستنصر بالله أمير المؤمنين العباسي : لها ذكر وترجمة في ترجمة المستنصر واسمه منصور بن محمد فليكشف من هناك عن ترجمتها والله الموفق .
الفضل .
النحوي المقرئ .
الفضل بن إبراهيم بن عبد الله الكوفي أبو العباس النحوي المقرئ : أخذ القراءة عن الكسائي . له اختيار في أحرف يسيرة .
المسترشد بالله .
الفضل بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن حمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب أمير المؤمنين الإمام أبو منصور المسترشد بالله ابن المستظهر بن المقتدي بن القائم بن القادر بن المقتدر بن المعتضد بن الموفق بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور : بويع بالخلافة ليلة الخميس الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وخمسمائة .
وأول من بايعه اخوته : أبو عبد الله محمد وأبو طالب العباس وأبو إسحاق إبراهيم وأبو نصر محمد وأبو القاسم إسماعيل وأبو الفضل عيسى . ثم تلاهم عمومته أولاد المقتدي .
قال الصولي : بايعه سبعة من أولاد الخلفاء . وكان المسترشد أشقر أعطر أشهل خفيف العارضين وجلس بكرة الخميس جلوساً عاماً وبايعه الناس وكان المتولي لأخذ البيعة قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني وبايع الناس إلى الظهر ثم أخرجت جنازة المستظهر فصلى عليه المسترشد وكبر عليه أربعاً وجلس للعزاء أياماً وكان عمره لما بويع سبعاً وعشرين سنة لأن مولده سنة ست وثمانين وأربعمائة .
وكان أبوه خطب له بولاية العهد ونقش اسمه على السكة في شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانين .
وكان يتنسك في أول زمانه ويلبس الصوف ويتفرد في بيت للعبادة وختم القرآن وتفقه وكان مليح الخط لم يكن قبله في الخفاء من كتب أحسن منه وكان يستدرك على كتابه أغاليطهم وكان ابن الأنباري يقول : أنا وراق الإنشاء ومالك الأمر يتولى ذلك بنفسه الشريفة .
وكان ذا هيبة وإقدام وشجاعة وضبط الخلافة ورتبها أحسن ترتيب وأحيا رميمها وشيد أركان الشريعة وخرج عدة نوب إلى الحلة والموصل وطريق خراسان .
لم تزل أيامه مكدرة بكثرة التشويش من المخالفين وكان يخرج بنفسه لدفع ذلك ومباشرته إلى أن خرج الخرجة الأخيرة فكسر وأسر وقتله الملاحدة جهزهم عليه السلطان مسعود فهجموا عليه وخيمه بظاهر مراغة سنة تسع وعشرين وخمسمائة .
وكانت خلافته سبع عشرة سنة وثمانية أشهر وأياماً . وكان عمره خمساً وأربعين سنة وأشهراً .
وكان قد سمع الحديث مع اخوته من أبي القاسم علي بن أحمد بن بيان الرزاز ومن مؤدبه أبي البركات أحمد بن عبد الوهاب بن هبة الله بن السيبي .
وحدث وروى عنه وزيره علي بن طراد الزينبي وأبو الفتوح حمزة بن علي بن طلحة الرازي وأبو علي إسماعيل بن طاهر بن الملقب وغيرهم . ومن شعره لما كسر وأشير عليه بالهزيمة : .
قالوا : تقيم وقد أحا ... ط بك العدو ولا تفر .
فأجبتهم : المرء ما ... لم يتعظ بالوعظ غر .
لا نلت خيراً ما حيي ... ت ولا عداني الدهر شر .
إن كنت أعلم أن غي ... ر الله ينفع أو يضر .
ومن شعره : .
أقول لشرخ الشباب : اصطبر ... فولى ورد قضاء الوطر .
فقلت : قنعت بهذا المشيب ... وإن زال غيمٌ فهذا مطر .
فقال المشيب : أيبقى الغبار ... على جمرةٍ ذاب منها الحجر .
ومنه : .
أنا الأشقر الموعود بي في الملاحم ... ومن يملك الدنيا بغير مزاحم