فتأمَّلوا معشر المسلمين رحمكم الله هذه الحادثة وما اشتملت عليه من الوعيد وتدبَّروا ما خطب به لسان التخويف فيها مسمعاً للقريب والبعيد " إنَّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد " . وبادروا وفَّقكم الله إلى الدعاء والابتهال واعملوا بما ندبتم إليه من صالح الأَعمال وأقلعوا عمَّا كنتم تُمسون عليه من الخطايا وتصبحون " وتوبوا إلى الله جميعاً أيُّها المؤمنون لعلَّكم تفلحون " وتوسَّلوا عنده بتعميركم مظانَّ الخير ومواطنه وانتهوا إلى ما أمركم به في قوله : " وذَروا ظاهر الإثم وباطنه " واعتقدوا الإخلاص في ذلك وأضمروه " واعلموا أنَّ الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه " فهذا إِذا عكفتم عليه واجتهدتم فيه واعتمدتم منه ما يذهب عنكم رجز الشيطان وينفيه حزتم من الثواب جزيلاً جسيماً ونلتم في العاجلة حظًّا عظيماً وكنتم في الآجلة ممَّن قال الله فيهم تبييناً لصادق وعده وتفهيماً : " تحيّتهم يوم يلقونه سلامٌ وأعدَّ لهم أجراً كريماً " . وقد دعاكم إيثار أمير المؤمنين إلى ما يحييكم ونصح الله تبارك وتعالى ولرسوله فيكم فسارعوا إلى أمره ترشدوا وتمسَّكوا بهدايته توفَّقوا وتسعدوا . فاعلموا هذا واعملوا به وانتهوا إليه انتهاءَ من الطاعة غاية مطلوبه إن شاء الله تعالى .
الكوفي العلاّف .
علي بن المنذر أبو الحسن الطريقي الأوْدي الكوفي العلاّف الأعور قال النَّسائي : شيعيٌّ محضٌ ثقة . توفي سنة ست وخمسين ومائتين وروى عنه التّرمذي والنَّسائي وابن ماجة .
علي بن منصور .
دَوْخَلة بن القارح .
علي بن منصور بن طالب الحلبي الملقّب دَوْخَلَة ويُعْرف بابن القارح أبو الحسن . وهو الذي كتب إلى أبي العلاء المعرّي رسالةً مشهورةً تُعرف ب رسالة ابن القارح وأجابه المعرّي ب رسالة الغفران . كان شيخاً من أهل الأدب راوية للأخبار حافظاً لقطع كثيرة من اللغة والأشعار قيِّماً بالنحو . وكان ممّن خدم أبا عليٍّ الفارسي في داره وهو صبيّ ثمَّ لازمه وقرأ عليه ؛ قرأ على زعمه جميع كتبه وسماعاته . وكانت معيشته من التعليم بالشام ومصر . وكان مؤدِّباً للوزير أبي القاسم المغربي وله فيه هجو كثير وكان يذمّه ويَعُدُّ معايبه .
قال ابن عبد الرحيم : وكان آخر عهدي به بتَكريت سنة إحدى وعشرين وأربع مائة وبلغتني وفاته من بعد . وذكر أن مولده بحلب سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة . ولم يتزوَّج . ومن شعره : .
أين من كان يوضَع الأيرُ إجلا ... لاً على الرأسِ عنده ويُباسُ ؟ .
أين من كان عارفاً بمقادي ... رِ الأيورِ الكبارِ ؟ ماتَ الناسُ .
ومنه في الكسرَويّ : .
إِذا الكِسْرَوِيُّ بدا مُقبلاً ... وفي يده ذيلُ دُرّاعتِهْ .
وقد لبسَ العُجْبَ مُسْتَنْوِكاً ... يتيه ويختالُ في مِشيتهْ .
فلا يمنعنَّك بأواؤُهُ ... ضُراطاً يُقَعْقِعُ في لحيتهْ .
ومنه يهجو الوزير المغربي : .
لُقِّبْتَ بالكاملِ ستراً على ... نقصكَ كالباني على الخُصِّ .
فصرتَ كالكُنْفِ إِذا شُيِّدَتْ ... بُيِّضَ أعلاهُنَّ بالجِصِّ .
يا عُرَّة الدنيا بلا غُرَّةٍ ... ويا طُوَيْسَ الشُّؤْم والحِرْصِ .
قتلتَ أهليكَ وأنهيتَ بي ... تَ الله بالمَوْصل تستعصي .
الأجَلُّ اللغوي الشافعي