كان الصفيّ بن مهاجر بالموصل قد أعطى مملوكاً مليحاً وألف دينار لرجلٍ يقال له ابن الحصان فعشق الغلام ؛ فكتب علاء الدين الموصليّ إلى الصفيّ : .
قل لصفيِّ الدين ماذا الذي ... غرَّكَ إذْ بِتُّ على غِرَّه ؟ .
ابنُ الحصان الفَسْلُ في زُهدِهِ ... الباردُ تلميذُ أبي مُرَّه .
بأيِّ سِحرٍ جاء حتَّى له ... سمحتَ بالبدر وبالبَدْرَه .
فلما بلغت الأبيات صفيِّ الدين ارتجع الغلام والذهب من الصفيّ بن مهاجر المذكور . ومنه : .
زارني والشكر يثنيه مرحْ ... ثمَّ حيّاني وحيّا بالقدَحْ .
بحُميّا لحظهِ مُغْتَبِقاً ... وبخمرٍ من ثناياه اصطبَحْ .
خدُّهُ كالورد لوناً وشذًى ... ما ترى الطلَّ عليه قد رشَحْ .
علاء الدين المَرّاكُشي الكاتب .
علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن الشيخ علاء الدين أبو الحسن المَرّاكشي الكاتب . ولد سنة عشر وست مائة بدمشق وتوفي سنة أربع وثمانين وست مائة . وروى صحيح البخاري . وكان ذا رُواءٍ ووقار وخبرة بأمور الديوان والحساب بحيث إنه يرجع إلى قوله في ذلك . وكان تركُ ذلك كلِّه أولى به . وكان له وِردٌ بين العشائين ويركب الحمار ويأتي الديوان . وسمع منه غيرُ واحد .
الأمير حسام الدين بن أبي علي الهَذَباني .
أبو علي بن محمد بن أبي علي بن باشاك الأمير الكبير حسام الدين الهذباني المعروف بابن أبي علي . كان رئيساً مدبِّراً خبيراً قويَّ النَّفس . طلبه الملك الناصر يوماً فقال : وددت الموت الساعة فإن ناصر الدين ابن القيمُري عن يساره وابن يَغمور عن يمينه والموت أهون من القعود تحت أحدهما ؛ فسمح له ابن القيمري بالقعود فوقه ودخل فأكرموه وجلس إلى جانب السلطان . وكان له اختصاص بالصالح نجم الدين أيوب فلما تملّك إسماعيل الصالح حبسه وضيَّق عليه ثمَّ أطلقه فتوجَّه إلى مصر وناب في السلطنة بدمشق لنجم الدين أيوب عقيب الخوارزمية . وحاصر بعلبك وفيها أولاد الصالح فسلَّموها له بالأمان وناب السلطنة بمصر . وأصله من إربل . وله شعر وأدب . وتوفي سنة ثمانٍ وخمسين وست مائة .
ابن تقيّ الدين دقيق العيد .
علي بن محمد بن علي بن وهب بن مُطيع محبّ الدين بن الشيخ تقيّ الدين بن دقيق العيد . سمع من أبيه وحضر عند عبد الوهاب بن عساكر وسمع من الزاهد عمر الحريري القوصي . وحدَّث بالقاهرة سمع منه أمين الدين محمد بن الواني الدمشقي وغيره . وكان شافعي المذهب علَّق على كتاب التعجيز شرحاً جيداً لم يكمله وناب في الحكم أيام أبيه .
قال الفاضل كمال الدين جعفر الأُدْفوي : ذكر لي بعض أقاربه أن الخليفة هو الذي ولاّه النيابة عن أبيه فإنه كان تزوَّج بنت الخليفة أبي العباس أحمد العباسي .
ودرَّس بالفاضليّة والمدرسة الصالحيّة نيابةً عن أبيه ودرَّس بالهكّاريّة والسيفيّة . وكان عزيز النفس مترفِّعاً ؛ قال كمال الدين : حكى لي القاضي سراج الدين يونس بن عبد المجيد الأرْمَنْتي قال : كنت حاكماً بإخميم عن أبيه الشيخ تقي الدين فصحب محبَّ الدين شخصٌ من أهلها وطلب منه كتاباً إليَّ في حاجةٍ لذلك الشخص فرسم بكتابته إليَّ . فلما كتب قال له ذلك الشخص : إن أراد سيّدُنا أن تُقْضى حاجتي يكتب له : المملوك ؛ فلم يوافق فحلف عليه ذلك الشخص بالطلاق فكتب : المملوك بالله . وكان يقول عنه إنه يقبل الهديّة في حال نيابته ويأخذ معلوماً على السعي عند والده في الحاجات . ولد بقوص سنة سبع وخمسين وست مائة وتوفي بالقاهرة سنة ست عشرة وسبع مائة .
ابن ابن الحريري أحد التوأمين .
علي بن محمد بن علي الشيخ حفيد الشيخ علي الكبير الحريري . كان هذا علي أحد الأخوين التوأمين الملقبين بالحِنّ والبنّ . كانا قد دخلا في أذيَّة الناس أيّام قازان فغرق هذا علي بالسيل في جامع بعلبك سنة سبع عشرة وسبع مائة . وهو الذي لم يُسمع بمثله بعد الطوفان .
ابن السكاكري