أوما أنثنيت عن الوداع بلوعةٍ ... ملأت حشاك صبابةً وغليلا ؟ .
ومدامع تجري فتحسب أن في ... آماقهن بنان إسماعيلا .
ومنه : من الطويل .
ولما تداعت للغروب شموسهم ... وقمنا لتوديع الفريق المغرب .
تلقين أطراف السجوف بمشرق ... لهن وأعطاف الحرور بمغرب .
فما سرن إلا بين دمع مضيع ... ولا قمن إلا بين قلب معذب .
ومنه : من البسيط .
بجانب الكرخ من بغداذ لي سكن ... لولا التجمل لم أنفك أندبه .
وصاحب ما صحبت الدهر مذ بعدت ... دياره وأراني لست أصحبه .
في كل يوم لعيني ما يؤرقها ... من ذكره ولقلبي ما يعذبه .
ما زال يبعدني عنه وأتبعه ... ويستمر على ظلمي وأعتبه .
حتى أوت لي النوى من طول جفوته ... وسهلت لي سبيلاً كنت أرهبه .
وما البعاد دهاني بل تباعده ... ولا الفراق شجاني بل تجنبه .
ومنه : من الطويل .
وفارقت حتى لا أسر بمن دنا ... مخافة نأي أو جذر صدود .
فقد جعلت نفسي تقول لمقلتي ... وقد قربوا خوف التباعد جودي .
فليس قريباً من يخاف بعاده ... ولا من يرجى قربه ببعيد .
ومنه : من المنسرح .
بالله فض العقيق عن برد ... يروي أقاحيه من مدام فمه .
وامسح غوالي العذار عن قمر ... يقصر بالورد خد ملتثمه .
قل السقام الذي بناظره ... دعه واشرك حشاي في سقمه .
كل غرام تخاف فتنته ... فبين ألحاظه ومبتسمه .
الفكيك الحلبي علي بن عبد العزيز أبو الحسن الحلبي المعروف بالفكيك . قال أبو الصلت : حدثني عبد الجبار بن حمديس قال : رأيت أبا الحسن الفكيك بين يدي المعتمد بن عباد وهو ينشده من قصيدة : من المتقارب .
وأنت سليمان في ملكه ... كما أنا قدامك الهدهد .
ويسجد ثم يعيد ويسجد فعل ذلك مراراً . فضحك المعتمد وأمر له بجائزة سنية . والأصل في هذا قول ابن حجاج في عضد الدولة : .
كأن سليمان فوق السرير ... يخاطبني وأنا الهدهد .
وقال الثعالبي : إن البديع الهمذاني دخل مع أبيه وهو صغير على الصاحب بن عباد فجعل يسجد مراراً فقال له الصاحب : يا بني أقعد لم تسجد كأنك هدهد ؟ وقال الفكيك أيضاً في المقتدر من ملوك الأندلس : من المتقارب .
لعزك ذلت ملوك البشر ... وعفرت تيجانهم في العفر .
وأصبحت أخطرهم بالقنا ... وأركبهم لجواد الخطر .
سهرت وناموا عن المأثرات ... فما لهم في المعالي أثر .
وجليت من حيث صلى الملوك ... فكل بذيل المنى قد عثر .
بدور تجرد سيف الندى ... وتغمده في رؤوس البدر .
وأنتم ملوك إذا سافروا ... أظلتهم من قناهم شجر .
وقال أيضاً : من البسيط .
غنى حسامك في أرجاء قرطبة ... صوتاً أباد العدى والنفع معتكر .
حيث الدماء مدام والقنا زهر ... والقوم صرعى بكأس الحتف قد سكروا .
وكتب لبعض الإسكندريين : من الطويل .
أبا جعفر أنفذت أطلب عمة ... أفاض عليها الدهر رونق حسنه .
كرقة دين البابلي ولونها ... كمطبخه المبيض في طول قرنه .
فأنفذتها بالضد في لون عرضه ... وهمته قصراً وفي سلك ذهنه .
وفصاً من الياقوت أحمر ناصعاً ... كأخوته بردا وفي ثقل آبنه .
فأنفذت لي فصاً كخفة عقله ... وسخنة عين قلبت تحت جفنه .
قصدت خلافي في جميع مآربي ... فأنشرت ميت السخط من بعد دفنه .
فلو قلت : قبل رأسه وبنانه ... خريت اعتماد الخلف في جوف ذقنه .
أبو الحسن البغوي