عبد الوهاب بن علي بن نصر بن أحمد القاضي . أبو محمد . البغدادي المالكي . سمع وروى . وكان شيخ المالكية في عصره وعالمهم . قال الخطيب : كتبت عنه وكان ثقة لم ألق أفقه منه . ولي القضاء بباذاريا ونحوها وخرج في آخر عمره إلى مصر فمات بها في شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربع ماية . وقيل : هو من أولاد مالك بن طوق صاحب الرحبة . وصنف التلقين ؛ وهو مع صغره من كبار خيار الكتب . وله المعرفة في شرح الرسالة ؛ وله عيون المسائل ؛ والنصرة لمذهب مالك وكتاب الأدلة في مسائل الخلاف ؛ وشرح المدونة .
وخرج لمصر في آخر عمره لإملاق به ؛ وفي ذلك يقول : .
بغداد دار لأهل المال طيبة ... وللمفاليس ذات الضنك والضيق .
ظللت حيران أمشي في أزقتها ... كأنني مصحف في بيت زنديق .
واجتاز في طريقه بمعرة النعمان وأضافه أبو العلاء المعري ؛ وفي ذلك يقول : .
والمالكي ابن نصر زار في سفر ... بلادنا فحمدنا النأي والسفرا .
إذا تفقه أحيا مالكاً جدلاً ... وينشر الملك الضليل إن شعرا .
ومن شعره : .
سلام على بغداد في كل موطن ... وحق لها مني سلام مضاعف .
فوالله ما فارقتها عن قلى لها ... وإني بشطي جانبيها لعارف .
ولكنها ضاقت علي بأسرها ... ولم تكن الأرزاق فيها تساعف .
وكانت كخل كنت أهوى دنوه ... وأخلاقه تنأى به وتخالف .
ومنه : .
متى يصل العطاش إلى ارتواء ... إذا استقت البحار من الركايا .
ومن يثني الأصغر عن مراد ... وقد جلس الأكابر في الزوايا .
وإن ترفع الوضعاء يوماً ... على الرفعاء من إحدى البلايا .
إذا استوت الأسافل والأعالي ... فقد طابت منادمة المنايا .
ومنه : .
ونائمة قبلتها فتنبهت ... وقالت تعالوا فاطلبوا اللص بالحد .
فقلت لها إني فديتك غاصب ... وما حكموا في غاصب بسوى الرد .
فقالت قصاص يشهد العقل أنه ... على كبد الجاني ألذ من الشهد .
فباتت يميني وهي هميان خصرها ... وباتت يساري وهي واسطة العقد .
فقالت ألم أخبرها بأنك زاهد ... فقلت بلى ما زلت أزهد في الزهد .
ومنه : .
أيا من قوله نعم ... وكل مقاله نعم .
تقول لقد سعى الوا ... شون بالتحريش لا سلموا .
وقد راموا قطيعتنا ... فقلت بلى أنا لهم .
قلت : قد تقدم في المحمدين في ترجمة الشيخ صدر الدين محمد بن عمر المعروف بابن الوكيل شيء من هذه المادة .
ومن شعر القاضي عبد الوهاب : .
أتذكر إذ نهاية ما تمنى ... ملاحظة بها منه تفوز .
فحين نسجت بينكما التصافي ... دخلت وصرت من براً أجوز .
قال أبو محمد ابن الطيب الباقلاني أخذه من قول الآخر : .
قد كنت أقرا هذه السوره ... فانكشفت لي هذه الصوره .
شبشتني حتى إذا صدت من ... تهواه بي فزرتني خيره .
الشباش : الطائر الذي يقيد في الشرك ليصاد به غيره من نوعه .
وقد تقدم ذكر أخيه الحسن بن علي في حرف الحاء مكانه .
ابن كردان النحوي .
عبد الوهاب بن علي بن طلحة . أبو القاسم ابن كردان . بضم الكاف وسكون الراء وبعد الدال ألف ونون . الواسطي . النحوي . صاحب الفارسي والرماني قرأ عليهما كتاب سيبويه . وأهل واسط يتغالون فيه ويفضلونه على ابن جني . صنف في إعراب القرآن كتاباً نحو خمس وعشرين مجلدة ثم بدا له فغسله قبل موته . وهو أحد من لم يذكره ابن عساكر .
وتوفي سنة أربع وعشرين وأربع ماية .
ومن شعره : .
سئم الأديب من المقام بواسط ... إن الأديب بواسط مهجور .
يا بلدة فيها الغني مكرم ... والعلم فيها ميت مقبور .
لا جادك الغيث الهطول ولا اجتلى ... فيك الربيع ولا عداك حبور .
شر البلاد أرى فعالك ساتراً ... عني الجميل وشرك المشهور .
ومنه : .
أبصرت في المأتم مقدودة ... تقضي ذماماً بتكاليفها