فالريح تعثر في برود رياضها ... والماء يمشي مشية السكران .
سيل يبرح بالشعاب أتيه ... ويكب سدر القاع للأذقان .
واد ترفعه الجنوب إذا جرت ... عنقاً ويخضع للنسيم الواني .
ومنه : البسيط .
هذا الصباح وكفي في يد الساقي ... تجلى وقد قامت الدنيا على ساق .
فمن جني على زير يخاطبه ... ومن رشوف لريق الناي ذواق .
ومن مكب كأن البدر في يده ... يجلوه ما بين إرعاد وإبراق .
نملي عليه مزامير اللحون يد ... تمشي أناملها في رق وراق .
كأنهم والصبا تستن فوقهم ... حمائم السدر لم توسم بأطواق .
وراقصاً ينثني تيهاً فتحسبه ... غصناً من البان لم يستر بأوراق .
كأن أعضاءه والرقص يزعجها ... تصفيق ريش جناح الطائر الراقي .
ومن ندامى إذا اشتدت مدامتهم ... شجت بماء من النونين رقراق .
كأنما هامهم والسكر يسندها ... إلى المناكب لم تدعم بأعناق .
لم يبق منهم زجاج الراح دائرة ... إلا حشاشة أنفاس وأرماق .
وتعسة كلما زارت أخا شجن ... جاءت بطيف من الحسناء طراق .
هذا مراحي وشيب الراس مشتغل ... والمستهام لسيغ ماله راق .
ومنه : مجزوء الوافر .
بدت بالجزع ذي الضاله ... فغال القلب ما عاله .
وهز المشي منها با ... نه خضراء مياله .
مشت فوشت بها ريح ... على الأحباب دلاله .
كأن بجيبها قمراً ... له من ثغرها هاله .
على غصن يجاذب رم ... لة عرفاء منهاله .
وفي أمثال ذات الخا ... ل يعصي الصب عذاله .
تراءت لي وقد قطعت ... كثيب الرمل مختاله .
فلما عرجت هاجت ... لضيف الشوق بلباله .
وكانت نبعة الرامي ... وإن لم تك قتاله .
وأعرض دونها دمع ... تخوض العين أوشاله .
أغيضه مسارقة ... ويأبى الوجد إمهاله .
فتؤت بثقل ما وزرت ونفس الصب حماله .
وقام بذنبها عذري ... فنال الوصل من ناله .
تراح علي خرطوم ... كعين الديك سلساله .
ونم الفجر بالصبح ... فزم الليل أجماله .
ومنه : البسيط .
زمر الغروب وأصوات النواعير ... والشرب في ظل أكواخ المناظير .
أشهى إلي من البيداء أعسفها ... ومن طلوع الثنايا الشهب والقور .
وصرعة بين إبريق وباطية ... ونعرة بين مزمار وطنبور .
يا رب يوم على القاطول جاذبني ... صبح الزجاجة فيه فضلة النور .
صدعت طرته والشمس قاصرة ... في يلمق من ضباب الدجن مزرور .
كأن ما انحل من هداب مزنته ... دمع تساقط من أجفان مهجور .
فمن رشاش على الريحان مقتحم ... ومن رذاذ على المنشور منثور .
أجلت سحابته عن فتية درجوا ... في ملعب من جناب العيش معمور .
ناموا فنبههم قول السقاة لهم ... هبوا فقد صفرت فصح الزرازير .
فهب كل كسير الطرف منخزل ... يطوي معاطفه طي الطوامير .
يسعى إليه بها هيف القنا هضم ... عض المآزر من خور المقاصير .
مزنرات على لف معاقدها ... تكاد تنبت من تحت الزنانير .
فمن قدود كأطراف القنا قصف ... ومن خصور كأوساط الزنانير .
ففي المروط غصون في نقا دمث ... وفي الجيوب وجوه كالدنانير .
تجميشنا مثل حسو الطير مختل ... س خوفاً وتقبيلنا نقر العصافير .
تحكي أباريقنا طيراً على خلج ... عوجاً حلا قيمها حمر المناقير .
فلو رأيت كؤوس الراح دائرة ... في كف كل طليق البشر مسرور