واعلم أن مطالك مطال ومحالك محال . والواصل رحمه مهما دعا الله تعالى رحمه والعلم للعلو علامة والسلم للعدو سلامة والصلح مع جملتك صلاح والدعاء بالإخلاص سلاح . وإياك من العمل المهدوم والأمل المعدوم ومن الأمور التي تفسد حكمة العادة وأصول السعادة ومن الود مع الملك فإنه قبيح في كل الملل والسعيد هو المصلح أعماله المطرح لله تعالى ما له ولا تخالط إلا ما قامت به الأوصاف المذكورة قبل إن استطعت وإلا الأمثل فالأمثل .
وحبيبك من يدبر أمر آخرتك ويعينك عليها ويذكرك بها ويهجرك ويصلك من أجلها ومع هذا كله سله ورح مملوء الراحة وصل وسح مكلوء الساحة ولا تغفل عن الدعوات المأثورة وأعظمها : اللهم اختر لي وأسماء الله تعالى دروع ما معها أحد مروع ولا سبيل إلى التعجب في قيامك وجلوسك ولا تنظر إلى جاهك وفلوسك . والتقي هو الذي يطرفه في حبوته مغضوض . وخذ البغي في خلوته تنير مغضوض وهو الذي لا يرفل في أثواب اللاهي ولا يغفل عن ثواب الله . وإذا الله تعالى تاب عليه أناب هو إليه وتأهب لجواز العقاب وكفاه سوء الحساب . والشرير الجاهل هو الذي لا يعرف معروفاً ويحسب ماله من البحر مغروفاً ونفسه تطمع وتشح ويداه تجمع ولا تسح . فإذا قضى الله وفاته خانه الأمل وفاته .
وقد عاهدتك على هذا وارتضيتك لي تلميذاً وجعلتك مع الأصحاب الذين يخاطبهم لسان حال الغبطة ويقول لهم : تكثرون وأنتم ترثون . وأشهدت الله تعالى عليك العليم بخفيات الصدور الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويثيب على كظم نفثات الصدور وقد رجوت لك خبر الخلاص وخير الإخلاص . وصلى الله على الشرط في نيل الشرف والكمال محمد وآدم وما بينهما من النبيين والمرسلين وسلم تسليماً كثيراً . وبعد هذا كله تبارك المبدي المعيد قد صدق الوعد والوعيد إن شاء الله تعالى .
؟ ابن الخراط الإشبيلي .
عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسين بن سعيد أبو محمد الأزدي الإشبيلي ويعرف بابن الخراط .
روى عن شريح بن محمد وأبي الحكم بن برجان وعمر بن أيوب وأبي بكر بن مدبر وأبى الحسن طارق وطاهر بن عطية . وأجاز له ابن عساكر وغيره ونزل بجاية وقت فتنة الأندلس بانقراض الدولة اللمتونية فبث بها علمه وصنف التصانيف وولي الخطبة والصلاة بها .
وكان فقيهاً حافظاً عالماً بالحديث وعلله ورجاله موصوفاً بالخير والصلاح والزهد والورع والتقلل من الدنيا مشاركاً في الأدب وقول الشعر وصنف في الأحكام نسختين كبرى وصغرى سبقه إلى مثل ذلك أبو العباس ابن أبي مروان الشهير بلبلة فحظي عبد الحق دونه وجمع بين الصحيحين وجمع الكتب الستة وله كتاب في المعتل من الحديث وكتاب في الرقائق ومصنفات أخر . وله في اللغة كتاب حافل ضاهي به كتاب الهروي . وتوفي بعد محنة نالته من قبل الولاية وروي عنه أبو الحسن المعافري علي بن محمد خطيب القدس وتوفي سنة إحدى وثمانين وخمس مائة . ومن شعره : الخفيف .
إن في الموت والمعاد لشغلاً ... وادكاراً لذي النهى وبلاغا .
فاغتنم خطتين قبل المنايا ... صحة الجسم يا أخي والفراغا .
؟ ابن البيطار المالقي .
عبد الحق بن عبد الملك بن بونة بن سعيد أبو محمد المالقي العبدري المعروف بابن البيطار نزيل مدينة المنكب بالأندلس . شيخ معمر يوري عن أبيه أبي مروان وأبي محمد بن عتاب وأبي بحر بن العاص وغالب بن عطية وأبي الحسن ابن البادش وأبي الحسن بن مغيث وطائفة وأجاز له أبو علي بن سكرة . قال ابن الأبار : كان عالي الإسناد صحيح السماع اعتنى به أبوه وسمعه صغيراً ورحل به إلى قرطبة فأورثه نباهةً . وأخذ عنه جماعة من شيوخنا وروى عنه ابن دحية وغيره .
مولده سنة أربع وخمس مائة ووفاته سنة سبع وثمانين وخمس مائة .
سبط ابن عطية .
عبد الحق بن محمد بن عبد الرحمن أبو محمد القيسي المرسي سبط عبد الحق بن عطية روى عن أبي محمد عبد الله بن سهل الضرير وأبي القاسم بن حبيش . قال ابن الأبار : كان متفنناً في العلوم الشرعية والنظرية مع دقة الذهن وجودة النظر وقول الشعر وتوفي سنة ثمان وتسعين وخمس مائة .
ابن عطية المفسر