وكان لشتره سببٌ وهو أنه خرج ليلةٌ وهو سكران من دار زين الملك أبي طالب ابن الخياط ووقع وشج وجهه وجعل الناس يسألونه : كيف وقعت ؟ فنظم هذه الأبيات : من الطويل .
وصعت على وجهي فطارت عمامتي ... وضاع شمشكي وانبطحت على الأرض .
وقمت وأسراب الدماء بلحيتي ... ووجهي وبعض الشر أهون من بعض .
قضى الله أني صرت في الحال هتكةً ... ولا حيلةً للمرء فيما به يقضي .
ولا خير في قصفٍ ولا في لذاذةٍ ... إذا لم يكن سكرٌ إِلى مثل ذا يفضي .
وآخذ المرآة فرأى الجرح بوجهه غايراً تحت الوجنة بعد وقعته فقال : من مجزوء الكامل .
ترك النبيذ بوجنتي ... جرحاً ككس النعجة .
ووقعت منبطحاً على ... وجهي وطارت عمتي .
وبقيت منهتكاً ولو ... لا الليل بانت سوأتي .
وعلمت أن جميع ذا ... لك من تمام اللذة .
من لي بأخرى مثل تل ... ك ولو بحلق اللحية .
وقال يهجو الطبيب المفشكل على سبيل المرثية : من الطويل .
ألا عد عن ذكرى حبيبٍ ومنزل ... وعرج على قبر الطبيب المفشكل .
فيا رحمة الله استهيني بقبره ... وكوني على الشيخ الوضيع بمعزل .
ويا منكراً جود فديت قذاله ... بمقنعةٍ واسقله سقل السجنجل .
وكبكبه في قعر الجحيم بوجهه ... كجلمود ضخرٍ حطه السيل من علٍ .
فلا زال وكافٌ يرجيه ديمةٌ ... عليه بمنهل من السلح مسبل .
لقد حاز ذاك اللحد أخبث جيفةٍ ... وأوضع ميتٍ بين ترب وجندل .
وقال يهجو نصيراً الحلبي على سبيل المرثيه : من مجزوء الرجز .
يا هذه قومي اندبي ... شخص النصير الحلبي .
يC لقد ... كان طويل الذنب .
قد ضجت الأملاك من ... نكهته في الترب .
وودهم لو عوضوا ... منه بكلبٍ جرب .
وهي أطول من هذا . وعمل أرجوزةً وسمها بمعرة البيت يذكر فيها ما ينال الإنسان من العناء إذا عمل دعوةً وهي مائة وستون بيتاً أوردها ابن أبي أصيبعة في تاريخ الأطباء كاملةً في ترجمة المذكور أولها : من الرجز .
معرة البيت على الإنسان ... تطرى بلا شك على الأسنان .
فاصغ إِلى قول أخي تجريب ... يأتيك الشرح على الترنيب .
جميع ما يحدث في الدعوات ... وكل ما فيها من الآفات .
فصاحب الدعوة والمسره ... لا بد أن يحتمل المضره .
أبو الفضل عبد الله بن المظفر بن علي بن الحسن بن المسلمة أبو الفضل ابن الوزير أبي القاسم الملقب برئيس الرؤساء . كان فاضلاً أديباً لبيباً كبير القدر . توقي سنة ست وعشرين وخمسمائة .
ومن شعره : من الوافر .
أمولانا جلال الدين يا من ... أذكره بخدمتي القديمه .
ألم تك قد عزمت على اصطناعي ... فماذا صد عن تلك العزيمه .
الأثير أبو جعفر عبد الله بن المظفر بن هبة الله بن المظفر بن علي بن الحسن بن المسلمة أبو جعفر بن أبي شجاع . من بيت المذكور آنفاً . كان يعرف بالأثير وكان من الأعيان كاتباً جليلاً حاذقاً بليغاً نبيلاً . كان ينوب في وقتٍ في ديوان الإنشاء في سفر سديد الدولة بن الأنباري وولي النظر بأعمال دجيل ثم صار عميداً في الحلة السيفية وسمع الحديث من أبي منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون وغيره وروى . وتوفي سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة . ومن شعره : من الخفيف .
قلت شعراً قالوا بغير عروض ... ناقصٌ والعروض كالميزان .
قلت إني لص القوافي فديوا ... ني من شعر كل ذي ديوان .
أسرق الشعر لا بوزنٍ وما يس ... رق إلا جزفٌ بلا ميزان .
ومنه : من الخفيف .
خير ما جالس اللبيب كتابٌ ... لا قريناً فيه رياً ونفاق .
هو مثل الرياض حقاً كما أو ... راقها بينها لها أوراق .
رشيد الدين الصفوي