ثم اجتمعوا عليه فلم يزالوا يضربونه حتى قتلوه ومولييه جميعاً . ولما قتل كبر عليه أهل الشام فقال عبد الله بن عمر : المكبرون عليه يوم ولد خير من المكبرين عليه يوم قتل . وقتل معه مائتان وأربعون رجلاً منهم من سال دمه في جوف الكعبة . قال ابن عبد البر : رحل عروة بن الزبير إلى عبد الملك بن مروان فرغب إليه في إنزاله من الخشبة فأسعفه فأنزل . قال ابن أبي ملكية : كنت الآذن بمن بشر أسماء بنزوله عن الخشبة فدعت بمركن وشب يمانٍ فأمرتني بغسله فكنا لا نتناول عضواً إلا جاء معنا فكنا نغسل العضو ونضعه في أكفانه وتنناول العضو الذي يليه فنغسله ثم نضعه في أكفانه حتى فرغنا منه ثم قامت فصلت عليه . وكانت قبل ذلك تقول : اللهم لا تمتني حتى تقر عيني بحثه . فما أتى عليها بعد ذلك جمعةٌ حتى ماتت . ويقال إنه لما جيء به إليها وضعته في حجرها فحاضت ودر ثديها فقالت : حنت إليه مواضعه ودرت عليه مراضعه . وقيل إن الحجاج آلى على نفسه إن لا ينزله عن الخشبة حتى تشفع فيه أمه فبقي سنة ثم إنها مرت تحته فقالت : أما آن لراكب هذه المطية أن يترجل ؟ ! .
فيقال إنه قيل للحجاج أن هذا الكلام شفاعة فيه فأنزله . وكان قتله سنة ثلاثٍ وسبعين للهجرة وروى له الجماعة . ويقال أن الحجاج ورد عليه كتاب عبد الملك بن مروان : اعط ابن الزبير الأمان على هدر هذه الدماء وحكمه في الولاية . فعرضوا ذلك عليه فشاور أصحابه فأشاروا عليه بأن يفعل فقال : لا خلعها إلا الموت ثم قال : من البسيط .
الموت أكرم من إعطاء منقصةٍ ... إن لم تمت عبطةً فالغاية الهرم .
إصبر فكل فتىً لا بد مخترمٌ ... والموت أسهل مما أملت جشم .
ابن المعتز بالله عبد الله بن الزبير بن جعفر . هو عبد الله بن المعتز . يأتي ذكره في عبد الله بن محمد فقد اختلف في اسم المعتز .
الحميدي فقيه مكة عبد الله بن الزبير بن عيسى الإمام القرشي الحميدي حميد بن زهير محدث مكة وفقيهها وأجل أصحاب سفيان بن عيينة روى عنه البخاري . وروى أبو داود والترمذي والنسائي عن رجلٍ عنه . قال أحمد بن حنبل : الحميدي عندنا إمامٌ . وقال أبو حاتم : أثبت الناس بمكة . توفي سنة تسع عشرة ومائتين .
الأسدي عبد الله بن الزبير - بفتح الزاي وكسر الباء الموحدة على وزن كبير - ابن سليم الأسدي الكوفي الشاعر . من شعراء الحماسة . توفي في حدود التسعين للهجرة . ومن شعره : من الوافر .
رمى الحدثان نسوة آل حربٍ ... بمقدارٍ سمدن له سمودا .
فرد شعورهن السود بيضاً ... ورد وجوههن البيض سودا .
فإنك لو سمعت بكاء هندٍ ... ورملة إذ تصكان الخدودا .
سمعت بكاء باكيةٍ وباكٍ ... أبان الدهر واحدها الفقيدا .
ومنه أيضا : من البسيط .
لا أحسب الشر جاراً لا يفارقني ... ولا أحز على ما فاتني الودجا .
وما نزلت من المكروه منزلةً ... إلا وثقت بأن ألقى لها فرجا .
ومنه : من الكامل .
لا تجعلن مبدناً ذا سرةٍ ... ضخماً سرادقه عظيم الموكب .
كأغر يتخذ السيوف سرداقاً ... يمشي برايته كمشي الأنكب .
فتح الإله بشدةٍ لك شدها ... ما بين مشرقها وبين المغرب .
جمع ابن مروان الأغر محمدٌ ... بين ابن أشترهم وبين المصعب .
الخزاعي فقيه دمشق عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي . فقيه دمشق . أحد الأعلام روى عن أبي الدرداء وسلمان وعبادة بن الصامت وأكثر ذلك مراسيل وروى عن أم الدرداء وغيرها . وكان يعدل بعمر بن عبد العزيز وكان يقول : ما عالجت من العبادة شيئاً أشد من السكوت . وكان يجلسه عمر بن عبد العزيز مع على السرير . وكان ثقة قليل الحديث . توفي سنة سبع عشرة ومائة . وروى له أبو داود .
القرشي الأسدي