طقزتمر الأمير سيف الدين الساقي الناصري ؛ كان في الأصل مملوكاً لصاحب حماة الملك المؤيد ثم قدمه للسلطان وتقدم عنده وصار من الخاصكية وأمره مائة ؛ وكان عاقلاً وادعاً لم يتغير عليه السلطان قط لأنه كان يعد نفسه غريباً في بيت السلطان ولم يزل كبيراً معظماً من وقعة أرغون الدوادار وغيره إلى آخر وقت ؛ وهو الذي ينسب إليه حكر طقزتمر بظاهر القاهرة والربع الذي برا باب زويلة ودار التفاح والحمام الذي عند قبو الكرماني . وزوج السلطان بنته بابنه أبي بكر ولما توفي أوصى بأن يكون الأمير سيف الدين نائباً فلما استقل الملك المنصور بالملك بعد والده وتم أمره أحضر له تشريفاً لأجل النيابة فامتنع من ذلك فألزمه وقال : كنت امتنعت لما أوصى السلطان بذلك ؟ ثم إنه لبس تشريف النيابة بمصر وألبس الأمير نجم الدين محمود بن شروين تشريف الوزارة في يوم واحد ولم يزل نائباً ذينك الشهرين مدة سلطنة المنصور أبي بكر إلى أن جرى ما جرى وخلع من الملك وتولى السلطان الملك الأشرف كجك فطلب الأمير سيف الدين طقزتمر منهم حماة فأمروا له بها وكان بها إذ ذاك الملك الأفضل ابن المؤيد فأخرج الأفذل إلى دمشق وحضر طقزتمر إلى حماة فهو أول من خرج إليها نائباً بعد الأفضل ؛ ولم يزل مقيماً بحماة إلى أن تحرك طشتمر وسأله أن ينضم إليه فتوجه إليه إلى بعض الطريق ولما خرج الطنبغا من دمشق وعلم بذلك أرسل إليه فعاد في أثناء الطريق إلى حماة فلما بلغ ذلك طشتمر ضعفت نفسه وهرب إلى بلاد الروم ؛ ولم يزل طقزتمر بحماة إلى أن جاء الفخري من الكرك ونل على خان لاجين فأرسل إليه فحضر إلى عنده وقوي جاش الفخري به ولم يزالا بدمشق حتى حضر الطنبغا وهرب ودخل الفخري وطقزتمر إلى دمشق . ثم إنه توجه هو والأمير بهاء الدين أصلم وغيره من الأمراء الكبار إلى الملك الناصر بالكرك ليحضر إلى دمشق فامتنع من الحضور ولما توجه العسكر إلى مصر توجه معهم ؛ ولما استقر الملك للملك الناصر بالقاهرة ثم إنه توجه إلى الكرك وجرى ما جرى وتسلطن الملك الصالح إسماعيل رسم للأمير سيف الدين طقزتمر بنيابة حلب عوضاً عن الأمير علاء الدين ايدغمش وتوجه كل منهما إلى محل نيابته والتقيا على القطيفة ؛ فلما توفي الأمير علاء الدين ايدغمش رسم للأمير سيف الدين طقزتمر بنيابة دمشق ونقل الأمير علاء الدين الطنبغا المارداني من حماة إلى حلب فحضر الأمير سيف الدين طقزتمر إلى نيابة دمشق ودخلها في نصف شهر رجب سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة وأقم بها نائباً إلى أن توفي الملك الصالح إسماعيل وتولى الملك الكامل سيف الدين شعبان السلطنة حضر إليه الأمير سيف الدين بيغرا وحلفه وحلف أمراء الشام واحضر له تشريفاً فلبسه وبعد أربعة أيام أو ثلاث حضر الأمير سيف الدين بيبغا القاسمي على البريد يطلبه إلى مصر ليكون بها نائباً عوضاً عن الأمير سيف الدين الملك فلم تطب نفسه على الخروج من دمشق ومرض وحصل له فالج وعدم نطق وسير يستعفي من التوجه إلى مصر وأن يكون مقيماً بدمشق ؛ وكتب إلى الأمراء بمصر ودخل عليهم . ثم إن حاشيته خوفوه عقبى ذلك فوجد من نفسه خفة فجهز الأمير فخر الدين إياز الحاجب بدمشق في البريد يسأل الحضور إن كان ولا بد في محفة لعجزه عن ركوب الفرس ففرح السلطان وأنعم على الأمير فخر الدين إياز وأعاده . وحضر بعده الأمير سيف الدين بيبغا القاسمي ثانياً لطلبه فخرج في محفة وهو متثاقل مرضاً يوم السبت خامس جمادى الأولى ووجد نشاطاً في الطريق ولما وصل إلى بلبيس سير ولده أمير حاج وسيف الدين قشتمر أستاذداره يسألان إعفاءه من النيابة فاجيب إلى ذلك ودخل إلى بيته ولم يطلع القلعة وأقام في القاهرة ثلاثة أيام وقيل خمساً وتوفي C وجاء الخبر إلى دمشق بوفاته في تاسع جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وسبعمائة . وكان خيراً ساكناً وادعاً عديم الشر لا يريد أذى أحد كائناً من كان وهو أكب من بقي من مماليك السلطان الملك الناصر محمد وزوج السلطان ابنته بالملك المنصور أبي بكر وتزوج الصالح إسماعيل ابنته الأخرى فلم يقم معها خمسة اشهر حتى انحل النظام وتفرق الشمل .
طقصبا .
الأمير طقصبا