شيركوه بن شاذي بن مران بن يعقوب الملك المنصور أسد الدين وزير العاضد ؛ مولده بدوين من أذربيجان بطرفها ونشأ بتكريت إذ كان أبوه متولي قلعتها ؛ قال ابن الأثير : أصلهم من الأكراد الروادية هم فخذ من الهذبانية وأنكر هذه النسبة جماعة من بني أيوب وقالوا : إنما نحن عرب وتزوجنا من الأكراد . كان من كبار أمراء نور الدين وسيره عوناً لشاور ولم يف له شاور فعاد إلى دمشق وعاد إلى مصر طامعاً في أخذها وسلك طريق وادي الغزلان وخرج عند إطفيح فكانت تلك الوقعة وقعة الأشمونين وتوجه ابن أخيه صلاح الدين إلى الإسكندري فاحتمى وحاصره شاور وعسكر مصر إلى أن رجع أسد الدين وعاد إلى الشام وعاد الفرنج إلى مصر وقتلوا أهل بلبيس وسبوا الذرية فسير المصريون إلى أسد الدين وطلبوه ومنوه لينجدهم فمضى إليهم وطرد الفرنج عنهم فعزم شاور على قتله وقتل الأمراء الذين معه فناجزوه وقتلوه - على ما ذكر في ترجمة شاور - . ووزر أسد الدين للعاضد في شهر ربيع الآخر فأقام شهرين وخمسة أيام ومات سنة أربع وستين وخمسمائة فجأة ثاني عشرين جمادى الآخرة ودفن بالقاهرة ثم نقل إلى المدينة النبوية ؛ وأقام بالوزارة بعده ابن أخيه صلاح الدين . وكان أسد الدين أحد الأبطال الذين يضرب بشجاعتهم المثل وكان الفرنج يهابونه ولقد حاصروه مدة ببلبيس وما لها سور ولم يجسروا أن يناجزوه بها خوفاً منه ؛ مات بالخانوق وكن كثيراً ما يعتريه التخم . ولما مات أسد الدين أخذ نور الدين حمص منهم . وتفسير شيركوه : أسد الجبل . وفي قتل شيركوه لشاور يقول العرقلة : .
قل لأمير المؤمنين الذي ... مصر حماه وعلي أبوه .
نص على شاور فرعونها ... ونص موساها على شيركوه .
ويقول أيضاً : .
لقد فاز بالملك العقيم خليفة ... له شيركوه العاضدي وزير .
كأن ابن شاذي والصلاح وسيفه ... علي لديه شبر وشبير .
هو الأسد الضاري الذي جل خطبه ... وشاور كلب للرجال عقور .
بغى وطغى حتى لقد قال قائل ... على مثلها كان اللعين يدور .
وكان العاضد قد كتب على طرة تقليد أسد الدين شيركوه بالوزارة ما صورته : هذا عهد لا عهد لوزير بمثله وتقليد أمانة رآك أمير المؤمنين أهلاً لحمله والحجة عليك عند الله بما أوضحته لك من مراشد سبله فخذ كتاب أمير المؤمنين بقوة واسحب ذيل الفخار بأن اعتزت خدمتك إلى بنوة النبوة واتخذه للفوز سبيلا " ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا " .
صاحب حمص .
شيركوه بن محمد بن شيركوه بن شاذي بن مروان بن يعقوب السلطان الملك المجاهد أسد الدين أبو الحارث صاحب حمص ابن الأمير ناصر الدين ابن الملك المنصور أسد الدين المذكور آنفاً ؛ أعطاه صلاح الدين حمص لما مات والده محمد سنة إحدى وثمانين فملكها ستاً وخمسين سنة وسمع بدمشق من أبي المجد البياسي وأجاز له ابن بري وجماعة وحدث بدمشق وحمص وشهد غزاة دمياط وسكن المنصورة وكان بطلاً معروفاً بالشجاعة ؛ قرر الحمام في نواحي بلاده لنقل الأخبار وكانت بلاده طاهرة من الخمر والمكوس ومنع النساء من الخروج من أبواب حمص مدة إمرته عليها خوفاً أن يأخذ أهل حمص أهلهم وينزحوا عنها لعسفه وجوره . وله أخبار في الظلم والتعذيب والاعتقال إلا أنه لا يشرب الخمر أبداً ويلازم الصلاة في أوقاتها . لما تملك الكامل دمشق تلك الشهرين طلب من شيركوه أموالاً عظيمة فبعث نساءه يشفعن فيه فما أجاب فلما يئس هيأ الأموال فأتته البطاقة بموت الكامل فجاء وجلس عند قبره وتصرف في أمواله وخيله ؛ ولما مرض أعطى حمص لابنه المنصور إبراهيم وفرق باقي بلاده على أولاده ولما مات سنة سبع وثلاثين وستمائة قبض ابنه المنصور إبراهيم على أخيه الملك مسعود صاحب الرحبة . وكان لأسد الدين تجارة في كل بلد .
شيرويه .
شرف الدولة ابن بويه