ولما توفي الشيخ علم الدين البرزالي تولى الشيخ شمس الدين تدريس الحديث بالمدرسة النفيسية وأمامتها عوضا عنه وكتبت له توقيعا بذلك وهو : رسم بالأمر العالي لا زالت أوامره المطاعة تطلع في آفاق المدارس شمسا وتزيل بمن توليه عن المشكلات لبسا أن يرتب المجلس السامي الشيخي الشمسي في كذا وكذا علماً بأنه علامة وحافظ متى أطلق هذا الوصف كان علماً عليه وعلامة ومتبحر أشبه البحر أطلاعه والدر كلامه ومترجم رفع لمن ذكره في تاريخ الأسلام أعلامه فالبخاري طاب أرج ثنايه عليه ومسلم أول مؤمن بأن هذا الفن انتهى إليه وأبو داود يحمد آثاره في سلوك سنن السنن والترمذي يخال أنه فداه بنور ناظره من آفات دار الفتن والنسائي لو نسأ الله في أجله لرأي منه عجبا وابن ماجة لو عاين ما جاء به ماج له طربا فليباشر ما فوض إليه مباشرة تليق بمحاسنه وتدل طالبي الصواب على مظانه وأماكنه ويبين لهم طرق الرواية فالفقه حلة وعلم الحديث علمها وطرازها والرواية حقيقة ومعرفة الرجال مجازها ويتكلم على الأسانيد ففي بعض الطرق ظلم وظلام ويورد ما عنده من الجرح والتعديل أن بعض الكلام فيه كلام ويوضح أحوال الرواة الذين سلفوا فليس ذاك بعيب وما لجرح بميت أيلام ونيم بما أطلع عليه من تدليسهم فما أحسن روضة هو فيها نمام ويسرد تراجم من مضى من القرون التي أنقضت فكأنها وكأنهم أحلام ويحرض على أتصال السند بالسماع ليكون له من الورق والمداد رصدان ضوء الصبح والأظلام ولا يدع لفظة توهم أشكالاً فالشمس تمحو حندس الأوهام حتى يقول الناس أن شعبة منك شعبة وأبا زرعة لم تترك عنده من الفضل حبة وابن حزم ترك الحزم وما تنبه وابن عساكر توجس منك رعبه وابن الجوزي عدم لبه وأكل الحسد قلبه ولا تغفل عن الزام الطلبة بالتكرار على المتون الصحيحة دون السقيمة فما يستوى الطيب والخبيث وذكرهم بقوله عليه السلام من حفظ على أمتي أربعين حديثاً وأن كان الحفظ بمعنى الجمع فالعمل بظاهر الحديث فأنت ذو الصفات التي أشتهرت والفضايل التي بهرت والدربة التي أقتدرت على هذا الفن ومهرت والفوايد التي ملأت الأمصار وظهرت والحجج التي غلبت الخصوم وقهرت لم تضع وقتا من زمانك أما أن تسمع أو تلقي أو تنتقي وأما أن تجتهد في نصرة مذهب الشافعي Bه حتى كأنك البيهقي وأما أن تصنف ما يتمنى بقي ابن مخلد لو عاش له وبقي وأنت أدري بشروط الواقف C فأرعها وأتبع أصلها وفرعها وأهد الدعاء له عقيب كل ميعاد وأشركه مع المسلمين في ذلك فأنوار الرحمة تلمع على هذا السواد وأذكر من تقدمك فيها بخير ففضله كان مشهوراً وأسأل له الجنة من الله ليسرك يوم القيامة إذا أصبح علماً منشوراً والوصايا كثيرة ومثلك لا ينبه ولا يقاس بغيره ولا يشبه وملاك الأمور تقوى الله تعالى وقد سلكت منها المحجة وملكت بها الحجة فلا تعطل منها جيدك الحالي وأرو ما عندك فيها فسندك فيها عالي والله يمدك بالأعانة ويوفقك للأنابة والأبانة بمنه وكرمه .
ابن اللبان الشافعي محمد بن أحمد بن عبد المؤمن الأسعردي الدمشقي .
الشيخ الأمام أبو عبد الله الشافعي المعروف بابن اللبان سمع بدمشق من أبي حفص عمر بن عبد المنعم ابن القواس وانجفل إلى مصر وسمع بها من الشيخ شرف الدين الدمياطي ومن عبد الرحمن بن عبد القوي بن عبد الكريم الخثعمي بطهرمس من الجيزية وحدث بالديار المصرية وسمع منه الطلبة وخرج له شهاب الدين أحمد بن أيبك الدمياطي جزءاً من حديثه وتفقه وبرع ودرس بزاوية في جامع عمرو بن العاص ثم بالشافعي وعقد مجالس الوعظ في وقت مولده تقريباً في حدود خمس وثمانين وست ماية ووفاته C تعالى في سنة تسع وأربعين وسبع ماية في طاعون مصر .
ابن عدلان الشافعي محمد بن أحمد بن عثمان بن ابرهيم بن عدلان بن محمود بن لاحق بن داود الكناني أبو عبد الله المصري