سلار الأمير سيف الدين التتري الصالحي المنصوري ؛ كان أولاً من مماليك الصالح علاء الدين علي بن المنصور قلاون فلما مات الصالح صار من خاصة المنصور ثم اتصلت بخدمة الأشرف وحظي عنده وتأمر وكان عاقلاً وادعاً للشر ينطوي على دهاء وخبرة بالأمور وفيه دين بالجملة وكان صديق السلطان حسام الدين لاجين ونائبه منكوتمر . ندبوه لإحضار السلطان الملك الناصر من الكرك فسار إليه وأحضره وركن إلى عقله وإيمانه واستنابه وقدمه على الجميع فخضعوا له ؛ ونال سلار من سعادة الدنيا ما لا يوصف وجمع من الذهب قناطير مقنطرة حتى اشتهر على ألسنة الناس أنه كان يدخله في كل يوم مائة ألف درهم . واستمر في دست النيابة إحدى عشرة سنة وكان يتحدث أن إقطاعه بضعة وثلاثون طبلخاناه . ولما توجه الملك الناصر إلى الكرك وتملك الجاشنكير استمر به في النيابة وازداد عظمة وسعادة وأقاما على ذلك تسعة أشهر ؛ فلما عاد السلطان من الكرك تلقاه سلار إلى أثناء الرمل ولما دخل أعطاه الشوبك فتوجه إليها في جماعته وتشاغل السلطان عنه ونزح سلار عن الشوبك وطلب البرية ثم خذل وسير يطلب الأمان على أنه يقيم بالقدس يعبد الله تعالى فأجابه السلطان إلى ذلك ودخل القاهرة بعد أن بقي أياماً في البرية مردداً مع العرب ينوبه كل يوم ألف درهم وأربعون غرارة شعير فلما جاء عاتبه السلطان واعتقله ومنع من الزاد حتى مات جوعاً قيل إنه أكل كعاب سرموزته وقيل خفه وقيل إنهم دخلوا إليه وقالوا له : عفا السلطان عنك فقام من الفرح ومشى خطوات وسقط ميتاً . وكان اسمر آدم لطيف القد أسيل الخد لحيته في حنكه سوداء وهو من التتر الأويراتية مات في أوائل الكهولة في سنة عشر وسبعمائة ولعله ما بلغ الكهولة وأذن السلطان للأمير علم الدين الجاولي أن يتولى دفنه وجنازته فدفن بتربته عند الكبش بالقاهرة . وكان C ظريفاً في لبسه اقترح أشياء في اللبس وهي إليه منسوبة وكذلك في المناديل وفي قماش الخيل وآلة الحرب . قال شمس الدين الجزري : قيل أنه أخذ له ثلاثمائة ألف ألف دينار وشيء كثير من الجواهر والحلي والخيل والسلاح والغلال مما لا يكاد ينحصر . قال الشيخ شمس الدين : وهذا شيء كالمستحيل لأن ذلك يجيء وقر عشرة آلاف بغل ؛ الوقر ثلاثون ألف دينار وما علمت أن أحداً من كبار السلاطين ملك هذا ولا ربعه ثم تدبر رحمك الله إذا فرضنا صحة قولهم إن دخله كان في كل يوم أربعة آلاف دينار أما كان عليه فيها خرج ؟ فلو أمكنه أن يكنز كل يوم ثلاثة آلاف دينار أكان يكون في السنة غير ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار فتصير الجملة في عشرة أعوام اثني عشر ألف ألف دينار وهذا لعله غاية أمواله فلاح لك فرط ما حكاه صاحبنا الجزري واستحالته . قال الجزري : نقلت من ورقة بخط علم الدين البرزالي قال : دفع إلي المولى جمال الدين ابن الفويرة ورقة بتفصيل بعض أمول سلار وقت الحوطة على داره في أيام متعددة : يوم الأحد : تسعة عشر رطلاً بالمصري زمرد ؛ ياقوت رطلان بلخش رطلان ونصف ؛ وصناديق ستة ضمنها جواهر ؛ فصوص ماس وغيره ثلاثمائة قطعة ؛ لؤلؤ كبار مدور من زنة درهم إلى مثقال : ألف ومائة وخمسون حبة ؛ ذهب مائتا ألف وأربعون ألف دينار ؛ دراهم أربعمائة ألف وسبعون ألف درهم .
يوم الاثنين : ذهب خمسة وخمسون ألف دينار ؛ وألف ألف درهم وأحد وعشرون ألفاً ؛ فصوص بذهب رطلان ونصف ؛ مصاغ عقود وأساور وزنود وحلق وغير ذلك أربعة قناطير بالمصري ؛ وفضيات أواني وهواوين وصدور ستة قناطير .
يوم الثلاثاء : خمسة وأربعون ألف دينار ؛ وثمانية آلاف درهم ؛ براجم وأهلة وصناجق ثلاثة قناطير فضة ؛ ذهب ألف ألف دينار ؛ وثمانمائة ألف درهم ؛ أقبية ملونة بفرو قاقم ثلاثمائة قباء ؛ أقبية سنجاب أربعمائة قباء ؛ سروج مزركشة مائة سرج .
ووجد عند صهره الأمير موسى ثمانية صناديق فأخذت كان من جملة ما فيها : عشر حوايص مجوهرة سلطانية وتركاش ما يقوم ومائة ثوب طرد وحش . وقدم صحبته من الشوبك خمسون ألف دينار وأربعمائة وسبعون ألف درهم وثلاثمائة خلعة ملونة وخركاه أطلس معدني مبطن بأزرق وبابها زركش وثلاثمائة فرس ومائة وعشرون قطار بغال ومثلها جمال كل هذا سوى الغلال والأنعام والجواري والغلمان والمماليك والأملاك والعدد والقماش