وحجّ ستّ مرات . وَكَانَ يُعرف عند المَكِّيّين بالستوري لأنه أوّل من سار بكسوة البيع بعد أخْذِ بغداد من الديار المصريّة وقبل ذَلِكَ كَانَتْ تأتيها الأسبتار من الخليفة . وحجّ مرّة هو واثنان من مصر عَلَى الهجن . وَكَانَ من الأمراء فِي أيّام الظاهر ثمّ أعطي أمريّة بحلب ثمّ قدم دمشق وولي الشدّ مدةً ثُمَّ كَانَ من أصحاب سنقر الأشقر ثُمَّ أمسك ثُمَّ أعيد إلى رتبته وأكثر وأعطي خبزاً وتقدمةً عَلَى ألف وتنقلّت بِهِ الأحوال وعلت رتبته فِي دولة الملك المنصور حسام الدين لاجين وقدّمه عَلَى الجيش فِي غزوة سيس . وَكَانَ لطيفاً مع أهل الصلاح والحديث يتواضع لهم ويحادثهم ويؤانسهم ويصلهم . وَلَهُ معروف كبير وأوقات بالقدس ودمشق . وَكَانَ مجلسه عامراً بلعلماء والشعراء والأعيان وسمع الكثير بمصر والشام والحجاز روى عن الزكي عبد العظيم والرشيد العطّار والكمال الضرير وابن عبد السلام والشرف المرسي وعبد الغني بن بنين وإبراهيم بن بشارة وأحمد بن حامد الأرتاحي وإسماعيل بن عزّون وسعد الله بن أبي الفضل التنّوخي وعبد الله بن يوسف بن اللمط . وعبد الرحمن بن يوسف المنبجي ولاحق الأرتاحي وأبي بكر بن مكارم وفاطمة بنت الملثم بالقاهرة وفاطمة نت الحزّام الحميريّة بمكة وابن عبد الدائم وطائفة بدمشق وهبة الله بن زوين وأحمد بن النحاس بلإسكندرية وعبد الله بن عليّ بن معزوز بمنية بني خصيب وبأنطاكيّة وحلب وبعلبك والقدس وقوص والكرك وصفد وحماة وحمص وينبع وطيبة والفيّوم وجدّة وقلّ من أنجب من الترك مثله . وسمع منه خلق بدمشق والقاهرة وشهد الوقعة وهو ضعيف ثُمَّ التجأ بأصحابه إلى حصن الأكراد فتوفيذ بِهِ ليلة الجمعة ثالث شهر رجب سنة تأريخ تقدم انتهى مَا ترجم لَهُ بِهِ الشيخ شمس الدين . قلت : وَكَانَ الشيخ فتح الدين بِهِ خصيصاً ينام عنده ويسامره فقال لي : كَانَ الأمير علم الدين قَدْ لبس بالفقيري وتجرّد وجاور بمكّة وكتب الطباق بخطّه وَكَانَتْ فِي وجهه أثار الضروب من الحروب وَكَانَ إذا خرج إلى غزوة خرج طلبه وهو فيه وإلى جانبه شخص يقرأ عَلَيْهِ جزءاً فِيهِ أحاديث الجهاد وقال إنّ السلطان حسام الدين لاجين رتّبه فِي شدّ عمارة جامع ابن طولون وفوّض أمره إليه فعمره وعمّر وقوفه وقرّر فِيهِ دروس الفقه والحديث والطبّ وجعل من جملة ذَلِكَ وقفاً يختصّ بالديكة الَّتِي تكون فِي سطح الجامع فِي مكان مخصوص بها وزعم أنّ الديكة تُعين المُوَقّتين وتوقظ المؤذنين فِي السحر وضمن ذَلِكَ كتاب الوقف فلمّا قُرئ عَلَى السلطان أعجبه مَا اعتمده فِي ذلك فلمّا انتهى إلى ذكر الديكة أنكر ذَلِكَ وقال : أبطلوا هذا لا يضحك الناس علينا ! .
وَكَانَ سبب اختصاص فتح الدين بِهِ أنّه سأل الشيخ شرف الدين الدمياطي عن وفاة البخاري فما استحضر تأريخها ثُمَّ إنّه فتح الدين عن ذَلِكَ فأجابه فحظي عنده وقرّبه فقيل لَهُ : إنّ هَذَا تلميذ الشيخ شرف الدين فقال : وليَكُنْ وغالب رؤساء دمشق وكبارها وعلمائها نشؤه وجمع الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني مدائحه فِي مجلّدتين أو واحدة وكتب ذَلِكَ بخطّه وكتب إليه علاء الدين الوداعي يعزّيه بولد توفيّ اسمه عمر ومن خطّه نقلت من الكامل : .
قُلْ لِلأميرِ وعَزِّهِ فِي نَجْلِهِ ... عُمَرَ الَّذِي أجرى الدموعَ أُجاجا .
حاشاك يُظلم ربعُ صبرك بعد من ... أمسى لسكّان الجنان سراجا .
وقال فِيهِ أيضاً ومن خطّه نقلت من الخفيف : .
علمُ الدين لَمْ يَزَل فِي طِلابِ ال ... علمِ والزُهدِ سائحاً رحّالا .
فترى الناسَ بَيْنَ راوٍ وراءٍ ... عنده الأربعين والأبدالا .
وقال فِيهِ لمّا أخذ فِي دويرة الشمشاطي بيتاً من الكامل : .
لِدُوَبرِهِ الشيخ الشميشاطي من ... دون البقاع فضيلةٌ لا تُجهَلُ .
هي موطنُ للأولياء ونُزهةٌ ... فِي الدين والدنيا لمن يتأمَلُ .
كمُلتْ معاني فَضْلِها مُذْ حَلَّها ال ... عَلَمُ الفريد القانت المتبتِّلُ .
إنّي لأُنشدُ كلمّا شاهدتها ... مَا مثل منزلة الدويرة مَنزِلُ