سنجر بن عبد الله المستنصري الأمير قطب الدين البغدادي المعروف بالياغز من مماليك الإمام المستنصر . ولمّا أُخذت بغداد كَانَ هو فِي جملة من هرب منها ووصل إلى الشام وَكَانَ محترماً فِي الدولة الظاهريّة وعنده معرفة ونباهة وحسن عشرة ويحاضر بالأشعار والحكايات . وتوفيّ سنة تسع وستّين وستّ مائة .
مملوك الإمام الناصر .
سنجر بن عبد الله الناصري صهر طاشتكين كَانَ ذليلاً بخيلاً مع كثرة الأموال والبلاد . تولىّ إمرة الحاجّ سنة تسع وثمانين وخمس مائة فاعترض للحاجّ رجل بدويّ فِي نفر يسير فذلّ وَلَمْ يلقه ومعه خمس مائة فارس وطلب البدويّ مهم خمسين ألف دينار فجمعها سنجر من الحاجّ وضيّق . ولمّا ورد الحاجّ إلى بغداد وكلّ الخليفة عَلَيْهِ وأخذ المبلغ من ماله وأعاده عَلَى أربابه وعزله بطاشتكين . وتوفيّ سنة عشر وستّ مائة .
علم الدين الشجاعي .
سنجر الأمير الكبير علم الدين الشجاعي المنصوري . وزير الديار المصرّية ومشدّ دواوينها ونائب سلطنة دمشق . كَانَ رجلاً طويلاً تامّ الخلق أبيض اللون أسود اللحية عَلَيْهِ وقار وهيبة وسكون وَفِي أنفه كبر وَفِي أخلاقه شراسة وَفِي طبيعته جبروت وانتقام وظلم وعسف وَلَهُ خبرة تامّة بالسياسة والعمارة . ولي شدّ الديار المصريّة ثُمَّ الوزارة ثُمَّ ولي نيابة دمشق فلطف بأهلها وقلّل شرّه فدام فِيهَا سنتين ثُمَّ عُزل بعّز الدين الحموي وَكَانَ يعرض فِي تجمّل وهيئة لا تبغي إلاّ للسلطان وَكَانَ فِي الجملة لَهُ ميل إلى أهل الدين وتعظيم الإسلام . وعمِل الوزارة أوّل دولة الناصريّة أكثر من شهر ثُمَّ قُال شَرَّ قتلةٍ وعصى فِي القلعة وجرت أمور ذُكر يعضها فِي ترجمة الأشرف وترجمة أخيه الناصر . فلمّا كَانَ فِي الرابع والعشرين من صفر سنة ثلاث وتسعين وستّ مائة عجز وطلب الأمان فلم يعطوه وطلع إليه بعض الأمراء وقال : انزلُ إلى عند السلطان الملك الناصر فمشى معه فضربه : واحدٌ طيرّ يده ثُمَّ طيّر آخر رأسه وعلّق رأسه فِي الحال عَلَى سور القلعة . ودقّت البشائر . وطافت المشاعليّة برأسه وجبوا عليه والناس يسبّونه لظلمه وعسفه . يقال إنّ المشاعليّة كلنوا يطفون برأسه عَلَى بيوت كتاب القبط فبلغت اللطمة عَلَى وجهه بالمداس نصفاً والبولة عَلَيْهِ درهماً . فلا قُوّة إلا بالله . وَفِي الشجاعي يقول السراج الورّاق ومن خطّه نقلت من المتقارب : .
أباد الشجاعيَّ ربُّ العبادْ ... وعُقباه فِي الحشر أضعاف ذلكْ .
عصى رأسُه فالعصا نعشُهُ ... وشُيّع فِي نار مالِكْ .
وَلَمْ يَدَع السيف فِي رأسه ... من الكبر إلاّ نصيب اللوالِكْ .
ووُجد بخطّ الشجاعي بعد موته من الكامل : .
إنْ كَانَتْ الأعضاء خالفت الَّذِي ... أُمرتْ بِهِ فِي سالف الأزمانِ .
فسَلُوا الفؤادَ عن الَّذِي أودعتُمُ ... فِيهِ من التوحيد والإيمانِ .
تجدوه قَدْ أدّى الأمانة فيهما ... فهَبُوا لَهُ مَا زلّ بالأركانِ .
أخبرني من لفظه القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله قال : أخبرني والدي عن قاضي القضاة نجم الدين ابن الشيخ الشمس الدين شيخ الجبل قال : كنت ليةً نائماً فاستيقظت وَكَانَ من أنبهني وأنا أحفظ كأنّما قَدْ أنشدت ذَلِكَ من البسيط : .
عند الشجاعيّ أنواع مُنوعةٌ ... من العذاب فلا ترحمه يَا اللّهُ .
لَمْ تُغنِ عنه ذنوبُ قَدْ تحمّلها ... من العباد ولا مالٌ ولا جاهُ