زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الهاشمي المدني روى عن أبيه وأخيه محمّد بن عليّ وأبان بن عثمان وروى عنه جعفر الصادق والزهري وشعبة وسالم مولى زيد بن عليّ وغيرهم . وفد على هشام بن عبد الملك فرأى منه جفوةً فكان ذلك سبب خروجه وطلبه للخلافة وسار إلى الكوفة . فقام إليه منها شيعة فخرجوا معه فظفر به يوسف بن عمر الثقفي فقتله وصلبه وحرَقَه . وعدّه ابن سعد في الطبقة الثالثة أمّه أمّ وَلدٍ وقال فُوِلدَ عليُّ الأصغرُ ابن حسين وزيد المقتول بالكوفة وعليّ بن علي وخديجة . وعن خديجة أنّ النبي A نظر يوماً إلى زيد بن حارثة وبكى وقال : " المظلوم من أهل بيتي سَمِيُّ هذا والمقتول فيُ الله والمصلوب من أمّتي سَميُّ هذا " . وذكره جعفر يوماً فقال : رحم الله عمّي كان والله سيداً ولا والله ما ترك فينا لدنيا ولا آخرة مثله . وسأل زيد بن علي بعض أصحابه عن قوله " والسابقون السابقون أولئك المقرّبون " قال : أبو بكر وعمر ثم قال : لا أنالني الله شفاعةَ جدي إن لم أُوالهِما ! .
وقال : البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان البراءة من عليّ والبراءة من عليّ البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان . وانطلقت الخوارج فبرئت مَمن دون أبي بكر وعمر ولم يستطيعوا أن يقولوا فيهما شيئاً وانطلقتم أنتم فظفرتم فوق ذلك فبرئتم منهما فمن بقي فوالله ما بقي أحد إلاّ برئتم منه . وقال : أمّا أنا فلو كنت مكان أبي بكر لحكمتُ بمثل ما حكم به أبو بكر في فدك .
وقال أيضاً : الرافضة حربي وحرب أبي مرقت الرافضة علينا كما مرقت الخوارج علي علّي . وسئل عيسى بن يونس عن الرافضة والزيدّية فقال : أمّا الرافضة : فأوّل ما ترفّضت جاءوا إلى زيد بن عليّ حين خرج وقالوا : تبرأ من أبي بكر وعمر حتى نكون معك ! .
قال : بل أتولاّهما وأبرأ ممنّ يبرأ منهما ! .
فقالوا : فإذن نرفضك ! .
فسميّت الرافضة وأمّا الزيدّية : فقالوا : نتولاّهما وبرأ مّمن يبرأ منهما فخرجوا مع زيد فسُمِّيت الزيديّة . وقال الزبير بن بكّار : حدّثني عبد الرحمن بن عبد الله الزهري قال : دخل زيد بن عليّ مسجد رسول الله A في يوم حار من باب السوق فرأى سعد بن إبراهيم في جماعة من القرشيّين قد حان قيامهم فقاموا فأشار إليهم فقال : يا قوم أنتم أضعف من أهل الحرّة ! .
قالوا : لا ! .
قال : وأنا أشهد أنّ يزيد ليس شرّاً من هشام فما لكم ؟ فقال سعد لأصحابه : مدّة هذا قصيرة فلم ينشب أن خرج فقُتل . وقال الوليد بن محمّد : كنّا على باب الزهري إذ سمع جلبةً فقال : ما هذا يا وليد ؟ فنظرت فإذا رأس زيد بن عليّ يطاف به بيد للعّانين فأخبرته فبكى ثم قال : أهلك أهل هذا البيت العجلة ! .
قلت : ويملكون ؟ قال : نعم وكانوا قد صلبوه بالكناسة سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث وعشرين ومائة وله اثنتان أو أربع وأربعون سنة ثم أحرقوه بالنار فسُمّي زيد النار . ولم يزل مصلوباً إلى سنة ستّ وعشرين ثم أُنزل بعد أربع سنين من صلبه . وقيل : كان يوجّه وجهه ناحية الفراب فيصيح وقد دارت خشبته ناحية القبلة مراراً ونسجت العنكبوت على عورته وكان قد صُلب عرياناً . وقال الموّكل بخشبته : رأيت النبي A في النوم نم وقد وقف على الخشبة وقال : هكذا تصنعون بولدي من بعدي يا بُنيَّ يا زيد ! .
قتلوك قتلهم الله ! .
صلبوك صلبهم الله ! .
فخرج هذا في الناس . فكتب يوسف بن عمر إلى هشام أن عجِّل إلى العراق فقد فتنتَهم ! .
فكتب إليه : أحرقْه بالنار ! .
وقال جرير بن حازم : رأيت النبي A مسنداً ظهره إلى خشبة زيد بن عليّ وهو يبكي ويقول : هكذا يفعلون بولدي ذكر ذلك كلّه الحافظ ابن عساكر في تأريخ دمشق