نادى علي بأمر لست أنكره ... قد كان ذاك لعمر الله مذ حين .
فقلت : لبيك من عدل أبا حسن ... بعض الذي قلت منك اليوم يكفيني .
فاخترت عاراً على نار مؤججة ... أنى يقوم لها خلق من الطين .
فاليوم أنزع من غي إلى رشد ... ومن منازعة الشحنا إلى اللين .
شهد رسول الله A وهو على الجبل أنه شهيد . وقال له يوم الخندق : ارم فداك أبي وأمي . وكان أحد الفارسين يوم بدر وكان يوم الفتح معه راية النبي A وركزها بالحجون . وكان على الرجال يوم أحد وقيل المقداد .
وثبت يوم أحد وبايع على الموت وكان معه إحدى رايات المهاجرين الثلاث في غزوة الفتح وولد هو وعلي وسعد وطلحة في عام واحد وأسلم الزبير وهو ابن اثنتي عشرة سنة أو ثمان أو ست عشرة سنة وكان عمه يعلقه في حصير ويدخن عليه بالنار ويقول : ارجع إلى الكفر فيقول : لا أكفر أبداً . وكان طويلاً تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة ولم يهاجر أحد ومعه أمه إلا الزبير وعن ابن الزبير أن الزبير كانت عليه ملاءة صفراء يوم بدر فاعتم بها فنزلت الملائكة معتمين بعمائم صفر . وقال رسول الله A : " لكل نبي حواري وحواريي من أمتي الزبير . قال ابن أبي الزناد : ضرب الزبير يوم الخندق عثمان بن عبد الله بن المغيرة بالسيف على مغفره فقطعه إلى القربوس فقالوا : ما أجود سيفك ! .
فغضب يريد أن العمل لليد لا لسيفه . وبارزه ياسر اليهودي يوم خيبر فضربه على عاتقه ضربة هدر منها سحره .
وقال رجل لعلي : من أشجع الناس ؟ قال : ذاك الذي يغضب غضب النمر ويثب وثوب الأسد وأشار إلى الزبير .
وكان في صدره أمثال العيون من الطعن والرمي . وقال عمر بن الخطاب : لو تركت تركة أو عهدت عهداً لعهدت إلى الزبير إنه ركن من أركان الدين . وقال : من عهد منكم إلى الزبير فإنه عمود من عمد الإسلام . وأوصى له سبعة من الصحابة منهم عثمان وعبد الرحمن وابن مسعود وأبو العاص بن الربيع . وكان ينفق على أبنائهم من ماله ويحفظ عليهم أموالهم . وكان له ألف غلام يؤدون إليه الخراج فلا يدخل إلى بيته شيئاً من ذلك ويتصدق به كله . ولما قتل عمر محا نفسه من الديوان وكذلك ابنه محا نفسه لما قتل عثمان .
وخرج يطلب بدم عثمان مع عائشة ثم ندم على خروجه لما ذكره علي أن النبي A أخبره أنه يقاتل علياً وهو ظالم له فحلف أن لا يقاتله .
وانصرف راجعاً إلى المدينة فأدركه ابن جرموز التميمي مع جماعة بوادي السباع على سبعة فراسخ من البصرة . فقتله نائماً وأخذ رأسه وسيفه وأتى بهما علياً . فأخذ علي السيف وقال : سيف والله طالما جلى به عن وجه رسول الله A الكرب .
ولما استأذن ابن جرموز على علي قال : ائذنوا له وبشروه بالنار . وقال حدثني رسول الله A أن قاتل الزبير في النار .
فقيقال إن ابن جرموز وضع السيف في بطنه فخرج من ظهره . ولما قال علي للآذن على ابن جرموز بقتل الزبير : بشره بالنار قال ابن جرموز : من المتقارب .
أتيت عليا برأس الزبي ... ر أرجو لديه به الزلفه .
فبشر بالنار إذا جئته ... فبئس البشارة والتحفة .
وسيان عندي قتل الزبير ... وضرطة عير بذي الجحفة .
وقال حسان يمدح الزبير : من الطويل .
أقام على عهد النبي وهديه ... حواريه والقول بالفعل يعدل .
أقام على منهاجه وطريقه ... يوالي ولي الحق والحق أعدل .
هو الفارس المشهور والبطل الذي ... يصول إذا ما كان يوم محجل .
وإن امرءاً كانت صفية أمه ... ومن أسد في بيته لمرفل .
له من رسول الله قربى قريبة ... ومن نصرة الإسلام مجد مؤثل .
فكم كربة ذب الزبير بسيفه ... عن المصطفى والله يعطي ويجزل .
إذا كشفت عن ساقها الحرب حشها ... بأبيض سباق إلى الموت يرقل .
فما مثله فيهم ولا كان قبله ... وليس يكون الدهر ما دام يذبل