ايع له أبوه ثم خلعه فلما توفي أخوه بايع له ثانيا وأستخلف عند موت والده وكانت وفاته سنة ثلث وعشرين وست ماية فكانت خلافته تسعة أشهر ونصفا وروى عن والده بالأجازة قال ابن الأثير : ولما ولي الظاهر بالله أظهر من الأحسان والعدل ما أعاد به سيرة العمرين فإنه لو قيل ما ولي الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز مثله لكان القايل صادقا فإنه أعاد من الأموال المغصوبة والأملاك المأخوذة في أيام أبيه وقبلها شيئا كثيرا وأطلق المكوس في البلاد جميعها وأمر بأعادة الخراج القديم في جميع العراق وأسقاط جميع ما جدده أبوه وأخرج المحبسين وأرسل إلى القاضي عشرة آلاف دينار ليوفيها عمن أعسر وقيل له هذا الذي تخرجه من الأموال ما تسمح نفس ببعضه فقال أنا فتحت الدكان بعد العصر فأتركوني أفعل الخير وفرق في العلماء والصلحاء ماية ألف دينار انتهى وعمر رباط الأخلاطية والتربة ورباط الحريم ومشهد عبد الله وتربة عون ومعين وتربة والدته والمدرسة إلى جانبها والرباط الذي يقابلها كان دار والدته ومسجد سوق السلطان ورباط المرزبانية ودور المضيف في جميع المحال ودار ضيافة الحاج وغرم على هذه الأماكن أموالا جليلة ونقل إليها الكتب النفيسة بالخطوط المنسوبة والمصاحف الشريفة وزر له عبد الله بن يونس وابن حديدة وابن القصاب وابن مهدي وكتب له محمد ابن الأنباري وولده على ثم اسفنديار ثم ابن القصاب ثم يحيى بن زبادة ثم القمي وفتح خوزستان وششتر وتشتمل على أربعين قلعة وهمذان وأصبهان وحمل إليه خراجها وتكريت ودقوقا والحديثة وكان جميل الصورة أبيض مشرباً حمرة حلو الشمايل شديد القوى وحديثه مع الجاموس بحضرة والده مشهور ولد في المحرم سنة سبعين وخمس ماية وخطب له والده بولاية العهد على المنابر سنة خمس وثمانين وعزله في سنة أحدى وست ماية وألزمه إلى أن أشهد على نفسه بخلعه ثم أعيد إليه ولاية العهد سنة ثمان عشرة وست ماية ولما توفي والده الناصر سنة اثنتين وعشرين وست ماية بويع بالخلافة وله من العمر اثنتان وخمسون سنة إلا شهوراً وصلى على أبيه بالتاج وعمل العزاء ثلثة أيام ولما خلعه أبوه الناصر أسقط ذكره من الخطبة على المنبر في ساير الآفاق فسقطت إلا خوارزم شاه قال قد صح عندي توليته ولم يثبت عندي موجب عزله وجعل ذلك حجة لطروق العراق بالعساكر ليرد خطبته وحبس الناصر ولده الظاهر في دار مبيضة الأرجاء ليس فيها لون غير البياض وكان حراسه يفتشون اللحم خوفا أن يكون فيه شيء أخضر ينعش به نور بصره فضعف بصره حتى كاد يعمى إلى أن تحيل ابن الناقد الذي صار وزيراً بعد ذلك فدخل عليه ومعه سروال أخضر وأرى أنه يحتاج إلى المستراح فدخل وترك السروال في المستراح وفطن الظاهر لذلك فدخل على أثره فوجده فلبسه ولم يزل يتعلل به حتى تراجع بصره ويقال أن الظاهر أشار إليه أشارة لطيفة وحك عينه ففهم ابن الناقد ذلك واحضر له ذلك السروال شمس الدين الكوفي الواعظ محمد بن أحمد ابن أبي علي عبيد الله بن داود الزاهد بن محمد بن علي الأبزاري شمس الدين الكوفي الواعظ الهاشمي خطيب جامع السلطان ببغداذ توفي في الكهولة سنة ست وسبعين وست ماية وشعره متوسط وله موشحات نازلة ومن شعره : .
حنت النفس إلى أوطانها ... وإلى من بان من خلانها .
بديار حيها من منزل ... سلم الله على سكانها .
تلك دار كان فيها منشإي ... من غرييها إلى كوفانها .
وبها نوق الصبي أرسلتها ... هملاً تمرح في أرسانها .
فلكم حاورت فيها أحوراً ... ولكم غازلت من غزلانها .
لا يلام الصب في ذكر رباً ... بان من غير رضي عن بانها .
ولكم قضيت فيها أرباً ... آه وأشوقا إلى كثبانها .
اكتست أفناؤها سندسية ... تدهش الألباب من افنانها .
فغدت مثل عروس تجتلى ... وسحيق المسك في أردانها .
ليس بي شوق إلى أطلالها ... إنما شوقي إلى جيرانها .
كلما رمت سلوا عنهم ... لا تريم النفس عن أشجانها .
شقيت نفسي بالحزن فمن ... يسعد النفس على أحزانها .
ومن شعره موشح : .
ادهش لبيهذا الجوذرحاوي الملح .
شوش قلبيحالي غيرلما سنح