أخذ العشرة وباشر في أيام سلاَّر خاص الساحل والجبل . ثم إنه باشر خاصّ القبلية . وبعد ذلك الخاصّ بدمشق عوضاً عن الأمير سيف الدين بكتمر ثم إنه باشر شدَّ الدواوين بحمص . ثم باشر شدَّ الأوقاف بدمشق ثم تولى جبل نابلس ثم أنه نقل إلى شدِّ الدواوين بدمشق عوضاً عن الأمير بدر الدين محمد بن الخشّاب . ثم عزل وجرى ما جرى على ما تقدم . ثم باشر شدَّ غزة والساحل والجبل . وشكر للسلطان الملك الناصر فطلبه إلى مصر وولاّه ولاية مصر وشدَّ الجهات والصناعة والأهراء وأعطاه طبلخاناة . ولم يداخل النِّشو ناظر الخاص وراج عليه الأمير علاء الدين بن المرواني . وداخل النشو وكان إذا حضرا عنده ينبسط ابن المرواني بين يدي النشو مع من يكون حاضراً ويندّب وينشرح ونجم الدين في تصميمٍ وإطراقٍ أو يرى أنه ناعس إلى أن رأى النشو أنه ما يجيء منه شيء ولا يدخل في دائرته فاتفق مع الأمير سيف الدين ملكتمر الحجازيّ وأتقن الأمر وأحضروا من شكا منه في يوم دار العدل فعزله ورسم بإخراجه إلى دمشق إكراماً للأمير سيف الدين تنكز في يومه ذاك . فعاد إلى دمشق فولاَّه شدّ الأوقاف وشدّ الخاصّ . ولم يزل على ذلك إلى أن جرت واقعة النصارى في حريق جامع دمشق الأموي فسلّمهم الأمير سيف الدين تنكز إليه فتولّى عقوبتهم وتقريرهم واستخراج أموالهم وصلبهم وحريقهم . وفي ذلك جرت واقعة تنكز وأمسك كل من كان من جهته فأمسك أيضاً . وكان هو الذي عمر الخان المشهور للأمير سيف الدين طاجار الدوادار بقرية جينين وهو خان عظيم لم يكن على درب مصر أحسن منه . فأفرج عنه وتولَّى نابلس ثانيةً ثم عزل أيام الأمير علاء الدين أيدغمش . ثم تولَّى بر دمشق في أيام طقزتمر وجعل ولده شجاع الدين نائبه .
وطلب إلى مصر وتولَّى أيام الصّالح شدَّ الخاصّ المرتجع عن العربان بالشام وصفد وحمص وحلب وحماة وطرابلس . وأقام كذلك وولده في نيابته على ولاية البر إلى أوائل الأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي C تعالى . وتوجه يحمل الخاصَّ إلى مصر فتولَّى بها شدَّ الجيزيّة . وكان بها كاشفاً ومشدّاً فلما أمسك الأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي وأقاربه ومن كان تسحَّب معهم من الأمراء حضر الأمير نجم الدين المذكور هو والصّاحب علاء الدين بن الحرّاني والأمير عز الدين أيدمر الزرّاق للحوطة على موجودهم وإقطاعاتهم . وجعل الأمير شمس الدين آقسنقر أمير جاندار يتحدث معهم أيضاً وكان قد عيِّن له إقطاع طبلخاناة وعزم على تجهيزه إليه إلى الشّام فاعتلّ قريباً من جمعةٍ وتوفي C تعالى سادس شهر رجب سنة ثمانٍ وأربعين وسبع مائةٍ ودفن بالصّالحية عند تربة الشياح . وكان قد حجّ سنة ثلاث عشرة وسبع مائة . وكتبت له توقيعاً بشدّ الخاصّ بدمشق في الأيام التنكزيّة في عاشر شوّالٍ سنة تسعٍ وسبع مائة ونسخته : الحمد لله الذي جعل نجم الدين في آفاق السّعادة طالعاً وسيره في منازل السعادة حتى كان الحكم بشرفه قاطعاً وقدّر له الخير في حركاته وسكناته مستقيماً وراجعاً وأبرزه في هذه الدولة القاهرة لشمل مسرّاتها جامعاً . نحمده على نعمه التي قربت من نأى بعد انتزاحه وأعادته إلى وطنه الذي طالما شام التماع برقه في الدُّجا بالتماحه وجبلته على إيثاره دون كل قطرٍ يبسم روضه بثغر أقاحيّه وما قلنا أقاحه وخصّته بمباشرة خاصٍّ تأتَّى له وتأتي البركات فيه على اقتراحه . ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً نزل إثبات التوحيد في أبياتها ووجدت النفوس لذَّاتها بإدمانها لذاتها . ومدَّ الإيمان أيدي جنَّاتها إلى ثمار جنَّاتها وأوصل الإيقان راحات قاطفيها إلى راحاتها ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي بعثه إلى الخاص والعام وأورثه من خزائن جوده مزيد الأفضال ومزايا الإنعام . وحببه إلى قومٍ هم أنس الإنس وجنبه قوماً إن هم إلاَّ كالأنعام وأيده بالكرامة وأمده بالكرم ونصره بالملائكة الكرام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين سدّوا ما ولاّهم وسادوا من والاهم وشادوا مجد هذه الأمة . فهم أولاهم فيه وبه أولاهم ووعدوا على ما اتبّعوا جنّةً . دعواهم فيها سبحانك اللهمّ صلاةً يتضوَّع من طيِّها نشر شذاهم وتكفي من اتّبعهم شرّ أهل البدع وتقيه إذا همَّ أذاهم وسلّم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين وبعد :