فغيَّره المغنيِّ وقال : ما أطيب العيش بمرج عذرا فأمر له بمائة ألف دينار . ولما ولي المعتضد بعث إليه خمارويه بتحفٍ كثيرةٍ وسأله أن يزوِّج ابنته قطر النّدى لوده المستكفي بالله فقال : بل أنا أتزوَّج بها فتزوَّج بها سنة إحدى وثمانين ومائتين ودخل بها في آخر العام وأصدقها ألف ألف درهمٍ وأدخل أبوها معها ألف هاون ذهب والله أعلم بصحة ذلك والتزم أن يحمل للمعتضد في كل سنةٍ مائتي ألف دينارٍ بعد القيام بمصالح بلاده . وكان كثير اللّواط بالخدم فدخل الحمّام وأراد الفاحشة من أمردٍ فتمنَّع فأمر أن يدخل في دبره يد كرنيب غليظ مدوَّر ففعل به فصاح واضطرب في الحمّام إلى أن مات فأبغضوه الخدم واستفتوا العلماء في حدّ اللواطيّ فقالوا : حدُّه القتل فقتلوه في ذي الحجة من السنة المذكورة في قصره بدير مرّان ظاهر دمشق وهربوا . فظفر بهم طغج بن جفّ الأمير فأدخلهم مشهورين وضرب أعناقهم . ونقل إلى مصر ودفن عند أبيه وقيل أنه دفن بحوران قريباً من قبر أبي عبيدٍ البسريّ وأنه رؤي في المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي ورحمني عادت عليّ مجاورة أبي عبيدٍ البسريّ .
وكان كثير التنزّه بمرج عذراء وكان مرّةً على نهر ثورا فانحدر أعرابيّ من الجبل فأنشده : من البسيط .
إن السِّنان وحدَّ السِّيف لو نطقا ... لحدَّثا عنك بين النّاس بالعجب .
أفنيت مالك تعطيه وتنهبه ... يا آفة الفضّة البيضاء والذّهب .
وفي سنة ست وسبعين ومائتين تحرّك الأفشين محمد بن أبي السّاج ذيوذاد ابن يوسف من أرمينية والجبال في جيشٍ عظيمٍ وقصد مصر فلقيه خمارويه في بعض أعمال دمشق وانهزم الأفشين واستأمن أكثر عسكره . وسار خمارويه حتى بلغ الفرات ودخل أصحابه الرقّة ثم عاد وقد ملك من الفرات إلى بلاد النُّوبة . وكان خمارويه يكتب خطاً حسناً ووزيره أبو بكرٍ محمد بن عليّ بن حمد المادرائي وتقدم ذكره في مكانه .
خمارتاش .
ابن عبد الله الرّوميّ .
خمارتاش بن عبد الله أبو صالح الرومي مولى العدل أبي الحسن المبارك بن سعيد بن الخشّاب البغدادي . سمع أبا غالب محمد بن الحسن بن أحمد البقّال وأبا الحسين المبارك بن عبد الجبّار بن أحمد الصّيرفي وأبا محمدٍ جعفر بن أحمد بن الحسين السراج وأبا الحسن عليّ بن محمد بن العلاف وأبا محمد القاسم بن علي الحريري صاحب المقامات وغيرهم . وروى عنه أبو سعدٍ السّمعاني وأبو الحسين أحمد بن حمزة بن الموازيني الدمشقي في معجمه وتوفي سنة تسعٍ وخمسين وخمس مائة .
الرؤسائيّ .
خمارتاش بن عبد الله أبو عبد الله الرؤسائيّ مولى أبي الفرج هبة الله بن المظفر بن رئيس الرؤساء . سمع مع مولاه من أبي الحسن عليّ بن محمد بن العلاّف وأبي غالبٍ شجاع بن فارسٍ الذُّهليّ . وسمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ القرشي وروى عنه جماعة . توفي سنة سبع وسبعين وخمس مائة .
أبو عثمان التركيّ .
خمارتاش أبو عثمان بن عبد الله التركيّ الهيتيّ . صادره إلى هيت فهرب إلى بغداد واستجار بوالدة الإمام النّاصر وأثبت في مدرستها فقيهاً . وكان يكتب خطاً مليحاً وصنّف كتاب الخمر وصفاتها . قال ابن أنجب : آخر عهدي به سنة خمس عشرة وستّ مائة وبلغني أنه توفي سنة عشرين وست مائة . وتوجه إلى دمشق ومدح الأشرف موسى بقصيدةٍ غزلها في الخمر فلما أنشده إياها قال له : يا فقيه تقول بها ؟ فقال : ونعمة السّلطان ما قلت بأنثى . فنفق عليه ونادمه ومن شعره : من المتقارب .
أخو الحزم يكتم مهما استطاع ... مأربه حذر العائب .
وعشق الغلام إذا ما التحى ... بعيدٌ عن الظنِّ في الغالب .
ومنه : من السريع .
شيئان لم يبلغهما واصفٌ ... فيما مضى بالنَّظم والنَّثر .
مدح ابنة العنقود في كأسها ... وذمُّ أفعال بني الدَّهر .
ومنه : من الوافر .
ولي قلبٌ لشقوته ألوفٌ ... ينغِّص عيشتي أخرى اللَّيالي .
فلو أني ألفت الهجر يوماً ... بكيت عليه في زمن الوصال .
قلت : الأصل في هذا قول أبي الطيب : من الطويل .
خلقت ألوفاً لو رجعت إلى الصِّبى ... لفارقت شيبي موجع القلب باكيا .
ومنه : من الكامل