والحجاج هو الذي بنى واسط وكان شروعه فيها في سنة أربع وثمانين للهجرة وفرغ منها في سنة ست وثمانين وفتح عليه جملةٌ من البلاد منها بخارى وبلخ والصُّغد . وقتل من الصحابة عبد الله بن الزبير ورمى الكعبة بالمنجنيق وختم جماعة من الصحابة في أعناقهم وأيديهم منهم جابر وأنس بن مالك وقال : لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه يعني ابن مسعود . وقال : كذبت أمّ أيمن . وقال : إن كان سليمان لحسود يعني ابن داود عليهما السلام . وقتل من سادات التابعين سعيد بن جبير وغيره وأراد قتل الحسن البصري مراراً فعصمه الله عنه . قال الحافظ ابن عساكر : وهو الخبر الذي أخبر رسول الله A أنه بخرج في ثقيف وكان عمر وعليُّ يدعوان على أهل العراق بتعجيل الغلام الثقفي وهو الحجاج . وقال ابن الكلبي : سمعت الحجاج يقول يزعم أهل العراق أني بقية ثمود ونعم والله البقيّة بقية ثمود ما نجا مع صالح أحد إلاّ المؤمنين . وكان شيد النصح لدولة بني مروان مجتهداً فيها يرى إباحة قتل من كان يخالفهم أو يطعن عليهم وبهذا التأويل قتل من قتل وقال في بعض خطبه : اسمعوا وأطيعوا لخليفة الله وصفيّه عبد الملك والله لو أمرت الناس أن يخرجوا من المسجد فخرجوا من باب آخر لحلَّت لي دماؤهم وأموالهم والله لو أخذت ربيعة بمضر لكان ذلك لي من الله حلالاً . وقال في وصيته عند الموت هذا ما أوصى به الحجاج بن يوسف وفيها : ولا يعرف إلاّ طاعة الوليد بن عبد الملك عليها يحيى وعليها يموت وعليها يبعث . وأوصى بتسعمئة درع جديد : ستمئة منها لمنافقي أهل العراق يغرون بها وثلاثمئة للترك . وقال عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد بن العاص : قيل للحجاج بن يوسف حين أجلى النبط من الأمصار إلى أصولهم : ماذا دعاك إلى إجلائهم ؟ فقال : حدثني ثلاثة عشر من أصحاب النبي A قال : ما ازدادت النبط في الإسلام عزّاً إلاّ ازداد الإسلام ذلاً فذلك الذي دعاني إلى إجلائهم . وعن ثابت عن أنسٍ قال : حدثت الحجاج بحديث العرنيّين فلما كانت الجمعة قام يخطب فقال : أتزعمون أني شديد العقوبة هذا أنس حدثني عن رسول الله A أنه قطع أيدي رجال وأرجلهم وسمل أعينهم . قال أنسٌ : فوددت أني مت قبل أن أحدثه . وقال عمر بن عبد العزيز وذكر الحجاج : لقد ولي العراق وهو أوفر ما يكون من العمارة فأخسَّ به إلى أربعين ألف ألف ولقد أدِّي به إليّ في عامي هذا ثمانون ألف ألف وإن بقيت إلى قابل رجوت أن يؤدَّى إليّ ما أدّي إلى عمر بن الخطاب مئة ألف ألف وعشرة آلاف الف .
وقال محمد بن المنكدر : كان عمر بن عبد العزيز يبغض الحجّاج فنفس عليه بكلمةٍ قالها عند الموت : اللهم اغفر لي فإنهم يزعمون أنك لا تفعل .
وقيل للحسن : كنت تقول الآخر شرٌّ وهذا عمر بن عبد العزيز بعد الحجاج . فقال الحسن : لا بدَّ للناس من متنفسات . وأرجف الناس بموته فخطب وقال : إن طائفة من أهل العراق وأهل الشقاق والنفاق نزغ الشيطان بينهم فقالوا مات الحجاج ومات الحجاج فمه وهل يرجو الحجاج الخير إلاّ بعد الموت والله ما يسرُّني أن لا أموت وأنّ لي الدنيا وما فيها وما رأيت الله رضي التخليد إلاّ لأهون خلقه عليه : إبليس حيث قال : إنك من المنظرين فأنظره إلى يوم الدين ولقد دعا الله العبد الصالح فقال : هب ي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي فأعطاهالله البقاء فما عسى أن يكون أيها الرجل وكلكم ذلك الرجل كأني والله بكل حيٍّ مني ومنكم ميتاً وبكل رطب يابساً . ثم نقل في ثياب أكفانه إلى ثلاثة أذرع طولاً في ذراع عرضاً فأكلت الأرض لحمه ومصَّت صديده وانصرف الحبيب من ولده فقسم الحبيب من ماله . إن الذين يعقلون يعقلون ما أقول ثم نزل