وقالت عائشة : قال رسول الله A نمت فرأيتني في الجنة فسمعت قارئاً فقلت من هذا ؟ قالوا : حارثة بن النعمان فقال رسول الله صلى الله وسلم : كذلك البرُّ وكان أبرّ الناس بأمّه .
توفي Bه في خلافة معاوية وقيل إنه ذهب بصره فاتخذ خيطاً في الموضع من مصلاّه إلى باب حجرته ووضع عنده مكتلاً فيتمر فكان إذا جاء المسكين يسأل أخذ من ذلك المكتل ثم أخذ بطرف الخيط حتى يناوله وكان أهله يقولون : نحن نكفيك فقال : سمعت رسول الله A يقول : مناولة المسكين تفي ميتة السُّوء .
ابن بدر التميمي .
حارثة بن بدر بن حصن بن قطن كان مع بني تميم ووجوهها وساداتها وشعرائها وليس من المتقدمين في الشعر المتصرفّين في فنونه وكان من معاقري الخمر فعابه الأحنف بن قيس على ذلك وأوجعه عتاباً وقال فضحت نفسك وأسقطت قدرك . فقال له : إني سأعتبك فانصرف الأحنف طامعاً في صلاحه فلما أمسى جاء إليه فقال له : إسمع أبا بحرٍ ما قلت . قال هات فأنشده : من الطويل .
يذم أبو بحر أموراً أريدها ... ويكرهها للأريحيّ المسوَّد .
فإن كنت عرّاباً فقل ما أريده ... ودع عنك توبيخي فلست بأوحد .
سأشربها صهباء كالمسك ريحها ... أسرُّ بها في كل نادٍ ومشهد .
في أبيات طويلة مذكورة في الأغاني . فقال الأحنف : حسبك فإنّي لا أراك مقلعاً عن غيّك ولن أعاتبك بعدها أبداً .
وقال أيضاً لما عاتبه أنس بن زنيم وقال : وأنشده أبياتاً يقول فيها : من الطويل .
فحتى متى أنت ابن بدر مخيمٌ ... وصحبك تحسون الحليب من الكرم .
فإن كان شرّاً فآله عنه وخلّه ... لغيرك من أهل التَّخبّط والظلم .
وإن كان خيراً يا بن بدرٍ فقد أرى ... سئمت من الإكثار في ذلك الغنم .
وإن كنت ذا علمٍ بما في احتسائها ... فمالك إذ تأتي المآثم عن علم .
تق الله واقبل يا بن بدرٍ نصيحتي ... ودعها لمن أمسى بعيداً من الجرم .
فلو أنّها كانت شراباً محلَّلاً ... وقلت لك اتركها لأوضعت في الحكم .
وأيقنت أنّ الحلم ما قلت فانتفع ... بقولي ولا تجعل كلامي من الجرم .
فربَّ نصيح الجيب ردَّ مقاله ... عليه بلا ذنبٍ وعونجل بالشَّتم .
وكان جواب حارثة أنه قال : من الطويل .
يعيب عليَّ الراح من لو يذوقها ... لجنَّ بها حتى يغيَّب في القبر .
فعبها أو أمدحها فإنّا نحبُّها ... صراحاً كما أغراك ربُّك بالهجر .
علام تذم الراح والراح كاسمها ... تريح الفتى من همَّه آخر الدِّهر .
ولمني فأنّ اللوم مما يزيدني ... غراماً بها إن الملامة قد تغري .
في أبيات طويلة مثبتة في الأغاني . ولمّا ندب حارثة بن بدر لقتال الأزارقة بدولاب لقيهم فلما حميت الحرب بينهم قال لأصحابه : كرنبوا ودولبوا وحيث شئتم فاذهبوا ثم انهزم فقال غوث بن الحباب يهجوه : من الطويل .
أحاربن بدرٍ دونك الكأس إنها ... بمثلك أولى من قراع الكتائب .
عليك بها صهباء كالمسك ريحها ... يظلُّ أخوها للعدى غير هائب .
ودع عنك أقواماً وليت قتالهم ... فلست صبوراً عند وقع النوائب .
وخذها كعين الدّيك تشفي من الجوى ... وتترك ذا التهمام جم المذاهب .
ابن سراقة .
حارثة بن الرُّبيّع والرُّبيّع تصغير بيع وهي أمه وأبوه سراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر بن بني النجار الأنصاري والرُّبيّع أمه عمّة أنس بن مالك . شهد بدراً وقتل يومئذ شهيداً قتله حيّان بن العرقة بسهم وهو يشرب من الحوض وكان خرج نظاراً يوم بدر رماه بسهم أصاب حجزته وهو أول قتيل قتل ببدرٍ من الأنصار فجاءت أمه إلى النبي A فقالت : يا رسول الله قد علمت منزل حارثة مني فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب وإن تك الأخرى ترى ما أصنع ؟ فقال A : ويحك أو جنّة واحدة هي ! .
! .
إنما هي جنات كثيرة وإنّه في جنة الفردوس .
ابن وهب الخزاعي