وورد الأمير سيف الدين بيغرا إلى الشام وحلف عسكر الشام للملك المظفر عقيب جلوسه على التخت وانتظمت له الأحوال وسكنت الدولة وصفت الأمور إلى أن أمسك الأمير سيف الدين ملكتمر الحجازي والأمير شمس الدين آقسنقر وسيف الدين قرابغا وسيف الدين يتمش وسيف الدين صمغار وسيف الدين بزلار وسيف الدين طقبغا وأمسك جماعة من أولاد الأمراء بالقاهرة فنفرت القلوب منه وتوحّش الأمير سيف الدين يلبغا وجرى منه ما جرى على ما سيأتي في ترجمته . وكان الذي فعل له ذلك وقام بإمساك المذكورين الأمير شجاع الدين أغرلو فأمسكه وفتك به بعد أربعين يوماً ونسب الناس ذلك إلى مواطأته مع الأمير سيف الدين الجيبغا الخاصكي . ثم إنه همَّ بالجيبغا وغيره وفرّق أكثر مماليك السلطان وأخرجهم إلى الشام وإلى الوجه البحري والقبلي بعدما قتل الأمير سيف الدين بيدمر البدري والأمير سيف الدين طغيتمر الدّوادار والأمير نجم الدين محمود بن شيروين الوزير قبل الفتك بأغرلو وهؤلاء الأمراء والذين قبلهم هم كانوا بقية الدولة الناصرية وكبارها . وله المعروف والخير والصَّدقات . فزاد توحش الناس منه وركب الأمير سيف الدين أرقطاي النائب بمصر وغالب الأمراء والخاصكيّة إلى قبة النصر فجاءه الخبر فركب في من بقي عنده بالقلعة وهم معه في الظاهر دون الباطن فلما تراءى الجمعان ساق بنفسه إليهم فجاء إليه الأمير سيف الدين بيبغا أروس أمير مجلس وطعنه وقلبه إلى الأرض وضربه الأمير سيف الدين طان يرق بالطّبر من خلفه فجرح وجهه وأصابعه وكتفوه وأحضروه إلى بين يدي الأمير سيف الدين أرقطاي ليقتله فلما رآه نزل وترجّل ورمى عليه قباءه وقال : أعوذ بالله هذا سلطان ابن سلطان ما أقتله فأخذون ودخلوا به إلى تربة هناك وقضى الله أمره فيه في التاريخ المذكور . ثم إن الأمراء بالقاهرة اجتمعوا وكتبوا إلى نائب الشام الأمير سيف الدين أرغون شاه يعرِّفونه القضية ويطلبون منه ومن الأمراء بالشام من يصلح للسلطنة وجهّزوا الكتاب على يد الأمير سيف الدين اسنبغا المحمودي السلاح دار وكان ذلك في بكرة الأحد ثاني عشر شهر رمضان . فلما كان يوم الثلاثاء رابع عشر الشهر المذكور عقدوا أمرهم على أن يولُّوا الملك أخاه الملك الناصر ناصر الدين حسن بن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون فأجلسوه على الكرسي وحلفوا وكتبوا إلى الشام بذلك وحلف عسكر الشام للناصر حسن . فسبحان من لا يزول ملكه . وقلت في ذلك وفيه لزوم ما لا يلزم من الفاء المشدّدة : من المجتث .
خان الرَّدى للمطفّر ... وفي التراب تعفّر .
كما قد أباد أميراً ... على المعالي توفَّر .
وقاتل النفس ظلماً ... ذنوبه ما تكفَّر .
وقيل إنه مما كان السَّبب في خلعه وقتله أن الأمير سيف الدين ألجيبغا الخاصكي أتى إليه يوماً فوجده فوق سطح يلعب بالحمام فلمّا أحس به نزل فقال من هذا ؟ قبل له ألجيبغا فطلبه فصعد إليه وكانت الوحشة قد ثارت فقال له : ما يقول الناس ؟ فقال : خيرٌ فألحّ عليه فقال له خوند أنت تدبّر الملك برأي الخدّام والنساء وتلعب بهذه الحمام . فاعتاظ منه وقال : ما بقيت ألعب بها ثم أخذ منها طائرين وذبحهما ولما رآهما مذبوحين طار عقله وقال : والله لا بدَّ ما أحزّ رأسك هكذا فتركه ومضى فنزل المظفر وقال لخواصّه : يا صبيان متى دخل هذا إلى بضّعوه بالسيوف : فسمع ذلك بعض الجمداريّة فخرج إلى الأمير سيف الدين ألجيبغا وقال له : لا تعد تدخل إليه وعرّفه الصورة . فخرج وعمل على مقتضى ذلك وضاع ملكه وروحه منه لأجل الحمام فقلت : من الخفيف .
أيها العاقل اللبيب تفكر ... في المليك المظفر الضرغام .
كم تمادى في البغي والغيِّ حتى ... كان لعب الحمام جدّ الحمام .
الحارث .
الأنصاري الصّحابي .
الحارث بن أوس بن معاذ بن النعمان الأنصاري وهو ابن أخي سعد بن معاذ . شهد بدراً وقتل يوم أحدٍ شهيداً وله يومئذ ثمان وعشرون سنة ولا تعرف له رواية .
ابن البرصاء .
الحارث بن مالك بن قيس بن عوذ اللَّيثي من ليث بن بكر المعروف بالحارث بن البرصاء وهي أمّه ويقال أم أبيه وهي البرصاء بنت ربيعة وقيل بنت عبد الله بن ربيعة وهو حجازي أقام بمكة ثم نزل الكوفة . روى عنه عبيد بن جريج والشعبي .
الجعفي العابد