وقال الشريف محمد بن أسعد بن علي الجواني المعروف بابن النحوي : كان الوزير يهوى النظر إلى الحشرات من الأفاعي والحيات والعقارب وأم أربعة وأربعين وما يجري هذا المجرى وكان في داره التي تقابل دار الشنكاتي قبل قاعة لطيفة مرخمة فيها سلل الحيات ولها قيم وفراش وحاوٍ من الحواة مستخدمون برسم الحيات ونقل سلل الحيات وحطها وكان كل حاوٍ في مصر وأعمالها يصيد له ما يقدر عليه من الحيات ويتباهون في ذوات العجب من أجناسها وفي الكبار وفي الغريبة منها وكان يثيبهم على ذلك أجلّ ثواب ويبذل لهم الجزيل حتى يجتهدوا في تحصيلها وكان له وقت يجلس فيه على دكة مرتفعة ويدخل المستخدمون والحواة فيخرجون ما في السلل ويطرحونه على ذلك الرخام ويحرشون بين الهوام وهو يتعجب من ذلك ويستحسنه فلما كان ذات يوم أنفذ إلى ابن المدبر الكاتب .
وكان من كتاب أيامه ودولته وهو عزيز عنده ويسكن في جواره يقول له في رقعة بإنه لما كان البارحة وعرض الحواة الحشرات الجاري بها العادات انساب إلى داره منها الحية وذات القرنين الكبرى والعقربان الكبير وأبو صوفة وما حصلوا لنا بعد عناء ومشقة وجملة بذلناها للحواة نحن نأمر الشيخ وفقه الله بالتوقيع إلى حاشيته وصبيته بصون ما وجد منها إلى أن ننفذ الحواة لأخذها وردها إلى سللها .
فلما وقف ابن المدبر عليها قلب بالرقعة وكتب : أتاني أمر سيدنا الوزير أدام الله نعمته وحرس مدته بما أشار إليه من أمر الحشرات والذي اعتمد عليه في ذلك أن الطلاق يلزمه ثلاثة إن بات هو أو أحد من أولاده في الدار السلام .
الأمير ابن فلاح .
جعفر بن فلاح الأمير .
والي دمشق من قبل المعز صاحب مصر .
وهو أول أميرٍ وليها لبني عبيد وكان قد خرج المذكور مع القائد جوهر وفتح معه مصر ثم سار فغلب على الرملة سنة ثمان وخمسين وبعد أيام غلب على دمشق بعد أن قاتل أهلها أياماً وكان بها مريضاً على نهر يزيد فسار لحربه الحسن بن أحمد القرمطي وقتله سنة ستين وثلاثمائة وقتل من خواص الأمير جعفر جماعة وكان رئيساً جليل القدر ممدحاً وفيه يقول أبو القاسم محمد بن هانئ الأندلسي : - من البسيط - .
كانت مسائلة الركبان تخبرني ... عن جعفر بن فلاح أطيب الخير .
حتى التقينا فلا والله ما سمعت ... أذني بأحسن مما قد رأى بصري .
جعفر بن القاسم الهاشمي أمير البصرة .
جعفر بن القاسم بن جعفر بن سليمان بن علي الهاشمي .
ولي إمارة البصرة للواثق وكان فصيحاً خطيباً وهو قليل الشعر وهجا الواثق بأبيات وهي : - من الكامل - .
جدي علي والنبي وفاطم ... لا من مهجنةٍ ولا من خادم .
فمتى تنال خلافة بولادة ... وأنا أحق من الإمام القائم .
لو قيل للمهدي من لخلافه ... من بعد فقدك يا بن خير العالم .
لحكى حكاية عالمٍ بمقاله ... إن الخليفة جعفر بن القاسم .
فاغتاظ الواثق عليه وعزله وأجابه يزيد بن محمد المهلبي فقال : - من الكامل - .
أنت الوضيع بنفسه لا بيته ... ما أنت من أعلى العيوب بسالم .
ولكل بيت دمة وقمامة ... تلقى وأنت قمامة من هاشم .
رضي الدين بن دبوقا .
جعفر بن القاسم بن جعفر بن علي بن حبيش الشيخ رضي الدين أبو الفضل الربعي الحراني ثم الدمشقي المجود المقرئ المعروف بابن دبوقا .
ولد في حدود العشرين وقرأ على السخاوي وتعانى الخدم والكتابة وأضر في آخر عمره وانقطع إلى الإقراء والإمامة بمسجد رأس الخواصين ويقرئ عند قبر هود .
وكان فصيح التلاوة له عبادة ومعرفة متوسطة بالقراءات وله مشاركة في الأدب .
قال الشيخ شمس الدين : لكن حدثني شمس الدين الرقي أنه كان يدخل روحه في السيمياء والسحر .
قرأ عليه البرهان بن الكحال وغيره وقرأ عليه ببعض الروايات الشيخ بدر الدين محمد بن بضحان وروى الحديث عن السخاوي وتوفي سنة إحدى وتسعين وستمائة .
أبو القاسم الكاتب