فلا تلدي ولا ينكحك مثلي ... إذا ما ليلة طرقت بنحس .
تريد شرنبث الكفين شثناً ... يباشر بالعشية كل كرس .
فقالت الخنساء : .
معاذ الله ينكحني حبركى ... يقال أبوه من جشم بن بكر .
ولو أصبحت في جشم هدياً ... إذاً أصبحت في دنس وفقر .
وأما أخوها صخر فإنه اكتسح أموال بني أسد وسبى نساءهم فتبعوه واقتتلوا قتالاً شديداً فطعن ربيعة بن ثور الأسدي صخراً في جنبه وفات القوم فلم يقعص وجوى منها فمرض حولاً حتى مله أهله فسمع امرأة وهي تسأل امرأته سلمى كيف بعلك ؟ فقالت : لا حي فيرجى ولا ميت فينعى لقينا منه الأمرين . فقال صخر لما سمع ذلك منها : .
أرى أم صخر لا تمل عيادتي ... وملت سليمى مضجعي ومكاني .
وما كنت أخشى أن تكون جنازة ... عليك ومن يغتر بالحدثان .
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنزوان .
لعمري لقد نبهت من كان نائماً ... وأسمعت من كانت له أذنان .
وللموت خير من حياة كأنها ... محلة يعسوب برأس سنان .
وإن امرءاً ساوى بأم حليلةً ... فلا عاش إلا في شقاً وهوان .
فلما طال عليه البلاء وقد نتأت قطعة مثل اليد من جنبه من الطعنة قالوا له : لو قطعتها لرجونا أن تبرأ فقال : شانكم فأحموا له شفرة ثم قطعوها فمات فقالت الخنساء ترثيه : .
ألا ما لعينك أم مالها ... لقد أخضل الدمع سربالها .
أبعد ابن عمرو من آل الشري ... د حلت به الأرض أثقالها .
فإن تك مرة أودت به ... فقد كان يكثر تقتالها .
سأحمل نفسي على خطة ... فإما عليها وإما لها .
منها : .
نهين النفوس وهون النفو ... س يوم الكريهة أبقى لها .
وقافية مثل حد السنا ... ن تبقى ويذهب من قالها .
نطقت ابن عمرو فسهلتها ... ولم ينطق الناس أمثالها .
فزان الكواكب من فقده ... وجللت الشمس إجلالها .
وهي طويلة ساقها صاحب الأغاني .
وقالت ترثيه أيضاً : .
قذى بعينيك أم بالعين عوار ... أم أقفرت إذ خلت من أهلها الدار .
تبكي لصخر هي العبرى وقد ثكلت ... ودونه من جديد الترب أستار .
لا بد من ميتة في صرفها غير ... والدهر في صرفه حول وأطوار .
منها : .
يوماً بأوجد مني يوم فارقني ... صخر وللدهر إحلاء وإمرار .
فإن صخراً لوالينا وسيدنا ... وإن صخراً إذا نشتو لنحار .
وإن صخراً لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار .
مثل الرديني لم تنفذ شبيبته ... كأنه تحت طي البرد أسوار .
وهي طويلة مذكورة في الأغاني . ولها فيه مراث كثيرة وأما أخوها معاوية فغزا بني مرة بن سعد بن ذبيان وبني فزارة ومعه خفاف بن ندبة فاعتوره هاشم ودريد ابنا حرملة المريان فاستطرد له أحدهما ثم وقف وشد الآخر عليه فقتله فلما تنادوا قتل معاوية فقال خفاف : قتلني الله إن دمت حتى أثأر به . فشد على مالك بن حمار الشمخي وكان سيد بني شمخ فقتله وقال خفاف في ذلك : .
فإن تك خيلي قد أصيب صميمها ... فعمداً على عيني تيممت مالكا .
أقول له والرمح يأطر متنه ... تأمل خفافاً إنني أنا ذلكا .
منها : .
تيممت كبش القوم لما عرفته ... وجانبت شبان الرجال الصعالكا .
فجادت له مني يميني بطعنة ... كست متنه من أسود اللون حالكا .
فقالت الخنساء ترثي معاوية : .
ألا لا أرى في الناس مثل معاوية ... إذا طرقت إحدى الليالي بداهيه .
بداهية يضغي الكلاب حسيسها ... ويخرج من سر النحي علانيه .
ألا لا أرى كالفارس الورد فارساً ... إذا ما دعته جرأة وعلانية .
وكان لزاز الحرب عند شبوبها ... إذا شمرت عن ساقها وهي ذاكيه .
وقواد خيل نحو أخرى كأنها ... سعال وعقبان عليها زبانيه