بيبرس الملك المظفر ركن الدين البرجي الجاشنكير المنصوري وكان يعرف بالعثماني ؛ كان أبيض أشقر مستدير اللحية فيه عقل ودين وله أموال لا تحصى وله إقطاع كبير فيه عدة إقطاعات لأمراء . كان أستاذ دار الملك الناصر محمد بن قلاوون وسلار نائباً فحكما في البلاد وتصرفا في العباد وللسلطان الاسم لا غير وكان نواب الشام خوشداشية الجاشنكير وحزبه من البرجيه قوي فلما توجه الملك الناصر إلى الحجاز ورد من الطريق إلى الكرك وأقام بها لعب الأمير سيف الدين سلاّر بالجاشنكير وسلطنه وسمي الملك المظفر وفوض الخليفة إليه ذلك وأفتى جماعة من الفقهاء له بذلك وكتب تقليده . وركب بخلعة الخلافة السوداء والعمامة المدورة والتقليد على رأس الوزير وناب له سلاّر واستوسق له الأمر فأطاعه أهل الشام ومصر وحلفوا له في شوال سنة ثمان وإلى وسط سنة تسع فغضب منه الأمير سيف الدين نغاي وجماعة من الخاصكية نحو المائة وخامروا عليه إلى الكرك فخرج الناصر من الكرك وحضر إلى دمشق وسار في عسكر الشام إلى غزة فجهز المظفر يزكاً قدم عليهم الأمير سيف الدين برلغي فخامر إلى الناصر فذل المظفر وهرب في مماليكه نحو الغرب . ثم إنه رجع بعدما استقر الملك الناصر في قلعة الجبل وكتب إليه : الذي أعرفك به أنني قد رجعت إليك لأقلدك بغيك فإن حبستني عددت ذلك خلوة وإن هججتني عددت ذلك سياحة وإن قتلتني كان ذلك علي شهادة ؛ فعين له صهيون فسار إليها مرحلتين . ثم إن الناصر رده وأحضره قدامه وسبه وعنفه وعدد عليه ذئوباً ثم خنقه قدامه بوتر إلى أن كاد يتلف ثم سبه حتى أفاق وعنفه وزاد في شتمه ثم خنقه فمات C تعالى سنة تسع وسبع مائة . وقيل سقي كأس سم أهلكته في الحال والله أعلم . وكان كثير الخير والبر عمر الجامع الحاكمي بعد الزلزلة وأوقف عليه الكتب النفيسة الكثيرة وكتب ختمه بالذهب في سبعة أجزاء قطع البغدادي كتبها له شرف الدين محمد بن الوحيد بقلم الأشعار ذهباً أخذ لها ليقة ألف وست مائة دينار وزمكها وذهبها صندل المشهور وغرم عليها جملة من الأجر ولم يعد يتهيأ لأحد إنشاء مثلها ولا من تسمو همته إلى أن يغرم عليها مثل ذلك . وعمر الخانقاه الركنية مجاورة الخانقاه سعيد السعداء ورتب لها فيما قيل أربع مائة صوفي وصنع داخلها للفقراء بيمارستاناً . ولما حضر السلطان من الكرك لم يستمر لها إلا بمائة صوفي لا غير . وكان في كل قليل يؤخذ من حاصلها السبعون ألفاً والخمسون والأقل والأكثر .
علاء الدين العديمي المسند .
بيبرس الشيخ المسند الكبير الجليل علاء الدين أبو سعيد ابن عبد الله التركي العديمي مولى الصاحب مجد الدين عبد الرحمن ابن العديم ؛ مولده في حدود العشرين وست مائة . ارتحل مع أستاذه وسمع ببغداد جزء البانياسي من الكاشغري وجزء العيسوي من ابن الخازن وأسباب النزول من ابن أبي السهل وتفرد بأشياء وسمع من ابن أبي قميرة وحدث بدمشق وحلب وسمع منه علم الدين البرزالي وابن حبيب وأولاده والواني وابن خلف وابن خليل المكي وعدة . وكان مليح الشكل أمياً فيه عجمةً . توفي بحلب سنة ثلاث عشرة وسبع مائة .
الأمير ركن الدين الحاجب