مات يا قوم فجأة إبليس ... وخلا منه ربعه المأنوس .
وقال آخر : .
الخمر يا إبليس إن لم تقم ... وتوسع الحيلة في ردها .
لا نفقت سوق المعاصي ولا ... أفلحت يا إبليس من بعدها .
وفيه يقول السراج الوراق : .
يا حبذا الملك الذي ملكه ... إلى أقاصي الهند والصين .
ما سمي الظاهر إلا وقد ... أظهره الله على الدين .
وقال القاضي محيي الدين ابن عبد الظاهر لما دخل الملك الظاهر بلاد الأرمن : .
يا ويح سيس أصبحت نهبةً ... كم عوق الجاري بها الجاريه .
وكم بها قد ضاق من مسلك ... يستوقف الماشي بها الماشيه .
وقال أيضاً : .
يا مالك الأرض الذي عزمه ... كم عامر للكفر منه خرب .
قلبت سيساً فوقها تحتها ... والناس قالوا سيس لا تنقلب .
وقال أيضاً : .
ما هادن الأرمن سلطاننا ... إلا لأمر فيه إذلالهم .
حتى له تكثر أموالهم ... وللظبى تكثر أطفالهم .
ولما أراد الملك الظاهر أن يقرر القطيعة على البساتين واحتاط عليها وعلى الأملاك والقرى وهو نازل على الشقيف قال له القاضي شمس الدين عبد الله بن عطاء الحنفي : هذا ما يحل ولا يجوز لأحد أن يتحدث فيه وقام مغضباً وتوقف الحال وصقعت البساتين وعدمت الثمار جملة كافية ؛ فقال في ذلك مجد الدين ابن سحنون خطيب النيرب : .
واهاً لأعطاف الغصون وما الذي ... صنعته أيدي البرد في أثوابها .
صبغت خمائلها الصبا فكأنها ... قد ألبست أسفاً على أربابها .
وقال نور الدين أحمد بن مصعب : .
لهفي على حلل الغصون تبدلت ... من بعد خضرة لونها بسواد .
وأظنها حزنت لفرقة أهلها ... فلذاك قد لبست ثياب حداد .
وظن الناس أن السلطان يرحمهم لذلك فلما أراد التوجه إلى مصر أحضر العلماء وأخرج فتاوي الحنفية باستحقاقها بحكم أن دمشق فتحها عمر بن الخطاب عنوة ثم قال : من كان معه كتاب عتيق أجريناه وإلا فنحن فتحنا هذه البلاد بسيوفنا ثم قرر عليهم ألف ألف درهم فسألوه تقسيطها فأبى وتمادى الحال ثم إنهم عجلوا له منها أربع مائة ألف درهم بوساطة فخر الدين الأتابك وزير الصحبة ثم أسقط الباقي عنهم بتوقيع قرئ على المنبر .
وفي واقعة الأبلستين يقول القاضي شهاب الدين محمود أنشدني ذلك إجازة : .
كذا فلتكن في الله هذي العزائم ... وإلا فلا تجفو الجفون الصوارم .
عزائم جارتها الرياح فأصبحت ... مخلفةً تبكي عليها الغمائم .
سرت من حمى مصر إلى الروم فاحتوت ... عليه وسوراه الظبا واللهاذم .
بجيش تظل الأرض منه كأنها ... على سعة الأرجاء في الضيق خاتم .
كتائب كالبحر الخضم جيادها ... إذا ما تهادت موجه المتلاطم .
تحيط بمنصور اللواء مطفر ... له النصر والتأييد عبد وخادم .
مليك يلوذ الدين من عزماته ... بركن له الفتح المبين دعائم .
مليك لأبكار الأقاليم نحوه ... حنين كذا تهوى الكرام الكرائم .
فكم وطئت طوعاً وكرهاً جياده ... معاقل قرطاها السها والنعائم .
مليك به للدين في كل ساعة ... بشائر للكفار فيها مآتم .
جلاحين أقذى أعين الكفر للهدى ... ثغوراً بكى الشيطان وهي بواسم .
إذا رام شيئاً لم يعقه لبعدها ... وشقتها عنه الإكام الطواسم .
فلو نازع النسرين أمراً لناله ... وذا واقع عجزاً وذا بعد حائم .
ولما رمى الروم المنيع بخيله ... ومن دونه سد من الصخر عاصم .
يروم عقاب الجو قطع عقابه ... إليه فلا تقوى عليه القوادم .
غدا وهو من وقع السنابك ذا ثرى ... تطأه فتستوطي ثراه المناسم .
ولما امتطت أعلاه أعلام جيشه ... وفد لاح فيها للفلاح علائم .
تراءت عيون الكافرين خلالها ... بروق سيوف صوبهن الجماحم