بيبرس بن عبد الله السلطان الأعظم الملك الظاهر ركن الدين أبو الفتح الصالحي ؛ قال عز الدين محمد بن علي بن إبراهيم بن شداد أخبرني الأمير بدر الدين بيسري أن مولد الملك الظاهر بأرض القبجاق سنة خمس وعشرين وستمائة تقريباً ولما أزمع التتار على قصد بلادهم كاتبوا أنص قان ملك الأولاق أن يعبروا بحر سوداق إليه ليجيرهم من التتار فأجابهم إلى ذلك وأنزلهم وادياً بين جبلين له فوهة إلى البحر والأخرى إلى البر وكان عبورهم إليه سنة أربعين وستمائة فلما اطمأنوا غدر بهم وشن الغارة عليهم فقتل وسبى وكنت أنا والملك الظاهر فيمن أسر فبيع فيمن بيع وحمل إلى سيواس فاجتمعت به في سيواس ثم افترقنا واجتمعت به في حلب بخان ابن قليج ثم افترقنا فحمل إلى القاهرة وشراه الأمير علاء الدين أيدكين البندقداري وبقي عنده فلما قبض عليه الملك الصالح نجم الدين أيوب أخذ الملك الظاهر في جملة ما استرجعه . وقدمه على طائفة من الجمدارية فلما مات الصالح وملك بعده المعظم وقتل وولوا عز الدين أيبك التركماني الأتابكية ثم استقل وقتل الفارس أقطاي الجمدار ركب الظاهر والبحرية وقصدوا القلعة فلم ينالوا مقصوداً فخرجوا من القاهرة مجاهرين بالعداوة للتركماني مهاجرين إلى الناصر صاحب الشام . وكان الظاهر وبلبان الرشيدي وأزدمر السيفي وسنقر الرومي وسنقر الأشقر وبيسري الشمسي وقلاوون الألفي وبلبان المستعرب وغيرهم فأكرمهم الناصر وأطلق للظاهر ثلاثين ألف درهم وثلاثة قطر بغالاً وثلاثة قطر جمالاً وخيلاً وملبوساً وفرق في البقية الأموال والخلع وكتب إليه المعز أيبك يحذره منهم فلم يصغ إليه وعين للظاهر إقطاعاً بحلب فسأله العوض عن ذلك بزرعين وحنين فأجابه فتوجه إليهما ثم خاف الناصر فتوجه بمن معه من خوشداشيته إلى الكرك فجهز صاحبها معه عسكراً إلى مصر فخرج إليه عسكر من مصر فكسروهم ونجا الظاهر وبيليك الخزندار فعاد الظاهر إلى الكرك وتواترت عليه كتب المصريين يحرضونه على قصد مصر . وجاءه جماعة من عسكر الناصر وخرج عسكر مصر مع الأمير سيف الدين قطز وفارس الدين أقطاي المستعرب فلما وصل المغيث والظاهر إلى غزة انعزل إليهما من عسكر مصر أيبك الرومي وبلبان الكافوري وسنقرشاه العزيزي وأيبك الجواشي وبدر الدين ابن خان بغدي وأيبك الحموي وهارون القيمري واجتمعوا بهما فقويت شوكتهما وتوجها إلى الصالحية والتقيا بعسكر مصر سنة ست وخمسين واستظهرا عليهم ؛ ثم انكسرا وهرب المغيث والظاهر وأسر جماعة وضربت رقابهم صبراً ممن ذكرته أولاً . ثم حصل بين الظاهر والمغيث وحشة ففارقه وعاد إلى الناصر على أن يقطعه مائة فارس من جملتها قصبة نابلس وجينين وزرعين فأجابه إلى نابلس لا غير ومعه جماعة حلف لهم الناصر وهم بيسري الشمسي وأوتامش السعدي وطيبرس الوزيري وآقوش الرومي الدوادار وكشتغدي الشمسي ولاجين الدرفيل وأيدغمش الحلبي وكشتغدي المشرقي وأيبك الشيخي وخاص ترك الصغير وبلبان المهراني وسنجر الإسعردي وسنجر الهمامي والبلان الناصري ويكنى الخوارزمي وطمان وأيبك العلائي ولاحين الشقيري وبلبان الإقسيسي وسلطان الإلدكزي ووفى لهم . فلما قبض الملك المظفر قطز على ابن أستاذه حرض الملك الظاهر للملك الناصر على قصد مصر ليملكها فلم يجبه فسأله أن يقدمه على أربعة آلاف فارس أو يقدم غيره ليتوجه إلى شط الفرات لمنع التتار من العبور إلى الشام فلم يمكنه الصالح لباطن كان له مع التتار ثم إن الظاهر فارق الناصر وتوجه إلى الشهرزورية وتزوج منهم ثم جهز إلى المظفر من استخلفه له وعاد إلى القاهرة ودخلها سنة ثمان وخمسين وستمائة مخرج المظفر للقائه وأنزله في دار الوزارة وأقطعه قصبه قليوب لخاصه . فلما خرج المظفر للقاء التتار جهز الظاهر في عسكر لكشف أخبارهم فأول ما وقعت عينه عليهم ناوشهم القتال . ولما انقضت الوقعة بعين جالوت تبعهم الظاهر يقتص آثارهم إلى حمص وعاد فوافى المظفر بدمشق ولما توجه المظفر إلى مصر اتفق الظاهر مع الرشيدي وبهادر المعزي وبكتوت الجوكنداري وبيدغان الركني وبلبان الهاروني وأنص الأصبهاني على قتل المظفر فقتلوه على الصورة التي تذكر في ترجمته إن شاء الله تعالى . وساروا إلى الدهليز فبايع الأمير فارس الدين الأتابك للملك الظاهر وحلف له ثم الرشيدي ثم الأمراء وركب