إلدكز الأتابك شمس الدين صاحب أذربيجان وهمذان كان مملوك السميرمي الكمال وزير السلطان محمود السلجوقي فلما قتل صار إلدكز إلى السلطان وصار أميراً وولاه السلطان أرانية فغلب على أكثر أذربيجان وهمذان وأصبهان والري وخطب بالسلطنة لابن امرأته أرسلان بن طغرل وكان عسكره خمسين ألفاً وأرسلان من تحت أمره . وكان فيه عقل وحسن سيرة ونظر في مصالح الرعية . وتوفي سنة سبع وستين وخمسمائة . وتولى بعده ابنه محمد البهلوان .
الطبرس .
الملك علاء الدين الظاهري ألطبرس الدوادار الكبير هو الملك علاء الدين الظاهري مولى الخليفة الظاهر بن الناصر . كان حظياً لديه عالي الرتبة عند المستنصر زوجه بابنة بدر الدين صاحب الموصل ووهبه ليلة عرسه مائة ألف دينار وكان يدخله من إقطاعه وملكه في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار . وكان حسن السيرة كريماً . ولما مات سنة خمسين وستمائة دفن في مشهد الكاظم موسى ورثاه الشعراء .
ألطبرس الذي عمر المجنونة بالقاهرة على الخليج كان قد عمرها لشهاب الدين الحنبلي العابر المقدم ذكره وكان له فيه عقيدة عظيمة وفي غيره من الفقراء . وكان بعض الفقراء قد أخذ حصاةً سوداء وكتب عليها بالشمع : السلام عليك يا ألطبرس ! .
ورماها في الخل الحاذق أياماً فتغير لون السواد خلا ما هو تحت الشمع وجاء بها إليه وقال له : رأيت النبي A في النوم وقال : ادفع هذه إلى فلان ! .
فأخذها ودفع إليه مالاً كثيراً ولم تزل في فمه إلى أن مات . وجاء إليه شهاب الدين العابر فيما أظن أو غيره وقال : قد اشتريت لك جاريةً ما دخل هذا الإقليم مثلها وهي بخمسة عشر ألف درهم . فوزن له الثمن . فقال : وأريد ثلاثة آلاف درهم لأكسوها بها . فأعطاه ذلك فغاب عنه ثلاثة أشهر ثم جاءه فقال : قد زوجهتا لك بواحدٍ من رجال الغيب . فما أنكر ذلك . وحكى عنه الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس C تعالى كثيراً من هذه الحكايات . وأنشدني بعضهم لعلم الدين ابن الصاحب المذكور في الأحمدين قال لما عمر ألطبرس المجنونة وعقدها قبواً للفقراء الذين كانوا يصحبونه في ذلك الوقت من الكامل : .
ولقد عجبتُ من الطَبرْس وصَحْبِهِ ... وعقولُهم بعقوده مفتونْه .
عقدوا عقوداً لا تصحّ لأنّهم ... عقدوا لمجنونٍ على مجنونْه .
الطقصبا علم الدين الناصري .
الطقصبا الناصري الأمير الكبير علم الدين التركي شيخ عاقل مهيب موصوف بالشجاعة روى عن سبط السلفي وكان من قدماء أمراء دمشق . أصابه زيار في حصار قلاع الأرمن في ركبته فحمل إلى حلب ومات في سنة سبع وتسعين وستمائة .
ألطنبغا .
نائب حلب ودمشق .
ألطنبغا الأمير علاء الدين الحاجب الناصري ولاه أستاذه الملك الناصر نيابة حلب بعد سودي فعمل نيابتها على أحسن ما يكون لأنه كان خيراً خبيراً درباً مثقفاً وعمر بها جامعاً حسناً . ولم يزل بها إلى أوائل سنة سبع وعشرين فأحضره مع الأمير سيف الدين ألجاي الدوادار . فلما كان بدمشق التقى هو والأمير سيف الدين أرغون الداودار وتوجه هو إلى مصر وتوجه أرغون إلى حلب ولم يزل مقيماً بمصر في جملة الأمراء الكبار إلى أن مات أرغون فأعاده السلطان إلى حلب نائباً وفرح به أهل حلب . ولم يزل بها إلى أن وقع بينه وبين الأمير سيف الدين تنكز نائب دمشق فطلبه السلطان إلى مصر فتوجه إليه . فما أقبل عليه وبقي على باب الإسطبل والسلطان يطعم الجوارح بالميدان ولم يستحضره حتى فرغ وبقي مقيماً بالقلعة إلى أن حضر تنكز وخرج السلطان وتلقاه إلى بئر البيضاء كما هو مذكور في ترجمته . فلما استقر تنكز بباب السلطان أخرج الأمير علاء الدين ألطنبغا إلى غزة نائباً فخرج إليها وبعد شهر ونصف خرج الأمير سيف الدين تنكز إلى الشام عائداً فلما قارب غزة تلقاه الأمير علاء الدين وضرب له خاماً وأنزله عنده وعمل له طعاماً فأكل منه وأحضر بناته له فتوجع له تنكز وأقبل عليه وخلع عليه وتوجه إلى دمشق . ولم يزل ألطنبغا بغزةً نائباً إلى أن أمسك السلطان تنكز فرسم لألطنبغا بنيابة دمشق فحضر إليها يوم الاثنين سادس المحرم ودخلها والأمير سيف الدين بشتاك والحاج أرقطاي وبرسبغا وبقية الأمراء الذين كانوا قد حضروا إلى دمشق عقيب إمساك تنكز